ثم ذكر هذا الحديث الذي فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- احتجر حُجَيْرَة من خَصَفَة أو حَصِيْر، يعني من خُوْص النخل، فجعله في قبلته من أجل أن يصلي أمامه، هذا في المسجد عند باب حجرته، فالناس لما شافوه يصلي جاؤوا صلوا معه، في الليلة الأولى قليلون، ثم زادوا ثم زادوا، حتى كثروا، وكان هذا في رمضان كما جاء في صحيح البخاري، والرسول -صلى الله عليه وسلم- خشي أن يفرض عليهم قيام رمضان، ولهذا تركه، وكان يحب الشيء أن يفعله ولكنه يتركه خشية أن يفرض، فخشي أن يفرض عليهم قيام رمضان، وأن يوجب عليهم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- من شفقته على أمته -صلى الله عليه وسلم- وعلى سلامتها من أي شيء يكون فيه تقصير منها، تقصير منها بالفعل، ولما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واستقرت الشريعة، والوحي انقطع، عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جمع الناس على إمام في صلاة التراويح، لأن الذي كان يخشاه الرسول قد زال بوفاته -صلى الله عليه وسلم- لأن الوحي انقطع، فدل هذا على أن صلاة التراويح أنها سنة، وأنها مستحبة، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- تركها خشية أن تفرض، ولما مات -صلى الله عليه وسلم- وزال ما كان يُخْشَى، عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جمع الناس على إمام يصلي بهم، وهذا قد جاء -كما قلتُ- في البخاري، وأن الصحابي قال:"وكان ذلك في رمضان".