وبعد ذلك صار التأليف بإثبات المتون دون الأسانيد مثل ما حصل في أزمان متأخرة فإن أحاديث الأحكام ألف فيها مؤلفون فقد ألف فيها عبدالغني المقدسي المتوفى سنة (٦٠٠ هـ) ألف فيها كتابه عمدة الأحكام وهو مقتصر على الأحاديث المتفق على صحتها عند البخاري ومسلم، ثم جاء بعده ابن تيمية المجد جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو عبدالسلام وألف كتابه منتقى الأخبار وكانت وفاته سنة (٦٥٢ هـ)، ثم جاء بعد ذلك ابن دقيق العيد المتوفى سنة (٧٠٢ هـ) وألف كتابه الإلمام في أحاديث الأحكام، ثم جاء بعده محمد ابن عبدالهادي صاحب المحرر الذي ندرسه ألف كتابه المحرر في أحاديث الأحكام، ثم جاء بعد ذلك الحافظ ابن حجر وألف كتابه بلوغ المرام من أدلة الأحكام وهذه كلها يذكر الصحابي ويذكر الحديث ويذكرون من خرج هذه الأحاديث فيقول رواه البخاري ومسلم أو رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه أو رواه ابن خزيمة وفلان وفلان هذه طريقتهم كانت كتب مختصرة يذكرون فيها المتون دون الأسانيد حتى يسهل حفظها ويسهل تناولها ولهذا فإن التأليف في أحاديث الأحكام جاء على الأسانيد والمتون كما حصل ذلك في الكتب الستة وغيرها وجاء بعد ذلك في أزمان متأخرة من سنة ستمائة وما بعدها ألَّف هؤلاء الذين ألفوا في أحاديث الأحكام ولكنهم اقتصروا على المتون دون الأسانيد، وابن عبدالهادي رحمه الله الذي هو مؤلف المحرر هو محمد بن أحمد بن عبدالهادي الحنبلي وكانت ولادته سنة خمس وسبعمائة وكانت وفاته سنة أربع وأربعين وسبعمائة ومدة عمره تسع وثلاثون سنة ومع ذلك ألف هذا المؤلف وألف المؤلفات الأخرى له مؤلفات عديدة مؤلفات كثيرة ومع ذلك عمره تسع وثلاثين يعني مدة حياته تسع وثلاثين وهذا يدلنا على أن من العلماء من كان غير معمر ولكنه ألف المؤلفات، ومن الذين أعمارهم قصيرة وجهودهم عظيمة ومؤلفاتهم واضحة ومشهورة أبو بكر الحازمي فإن عمره خمس وثلاثون سنة ولهذا ذكره الذهبي في كتابه من يعتمد قوله في الجرح والتعديل فقال: مات شابا طريا عمره خمس وثلاثون سنة، ومثل ذلك النووي فإن مؤلفاته كثيرة وعمره تسع وأربعون سنة وقد ألف فيه المؤلفات الكثيرة الواسعة، وكذلك عمر بن عبدالعزيز رحمه الله الخليفة الراشد وهو من الخلفاء الراشدين يعني عمره أربعون سنة مات وعمره أربعون سنة، يعني ابن قدامة هذا الذي معنا في هذا الكتاب أو المؤلف لهذا الكتاب عمره تسع وثلاثون سنة ومع ذلك ألف هذه المؤلفات، ومن المعاصرين الذين لهم المؤلفات الكثيرة نظما ونثرا الشيخ حافظ الحكمي رحمه الله فإن عمره خمس وثلاثون سنة وقد ألف المؤلفات الكثيرة الواسعة نظما ونثرا عمره خمس وثلاثون سنة وهذا يدل على أن هؤلاء بجدهم واجتهادهم مع قصر أعمارهم ألفوا هذه المؤلفات العظيمة الواسعة، وإن شاء الله في الدرس القادم نبدأ بدراسة الأحاديث التي في كتاب المحرر، والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.