ثم إن سنة الرسول عليه الصلاة والسلام قد حصل تدوينها في أواخر عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم واتسع التدوين في القرن الثالث الهجري، فإن الكتب الستة التي هي صحيح البخاري وصحيح مسلم والسنن الأربعة لأبي داود والنسائي والترمذي وابن ماجه كلها في القرن الثالث الهجري وهذه الكتب هي الكتب المشهورة التي اشتهرت والتي حصل عليها التعويل والتي حصل خدمتها في متونها وأسانيدها ورجالها، حصل عناية خاصة بهذه الكتب، وهذه الكتب مشتملة على الأحكام وعلى غير الأحكام، مشتملة على العقائد مثل: البخاري ومسلم في كتاب الإيمان، وقد بدئ كتاب البخاري بكتاب الإيمان وكتاب مسلم بكتاب الإيمان وقبل كتاب الإيمان باب في بدء الوحي على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذه الكتب اشتملت على أحاديث الأحكام وعلى غير أحاديث الأحكام، وأما كتب السنن الأربعة فإنها مشتملة على الأحكام ولهذا يعني أبو داود والترمذي والنسائي كل منهم بدأ سننه بكتاب الطهارة التي هي أول ما يتعلق بالأحكام وذلك أن الأحكام عبادات ومعاملات فالعبادات صلاة وزكاة وصيام وحج والصلاة لا تصح إلا بطهارة وهي شرط من شروط الصلاة والشرط يتقدم على المشروط ويكون موجودا قبله فلهذا بدؤوا كتبهم بكتاب الطهارة ثم أتوا بعد ذلك بكتاب الصلاة ثم بعد أن ينتهون من العبادات يأتون بالمعاملات التي هي البيوع والإجارة والنكاح والطلاق والعتق والرق والأطعمة والأشربة وغير ذلك من سائر الكتب التي متعلقة بالأحكام، وعلى هذا فإن الأحاديث النبوية بدأ تدوينها وهي مشتملة على الأحكام ولكنها بالأسانيد وهذا في العصر الأول يعني القرون الثلاثة كانت مبنية على الأسانيد وكذلك بعده بسنوات مبنية على الأسانيد