للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٦ - وَعَن جَابر بن سَمُرَة: " أَن رجلا سَأَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: " أأتوضأ من لُحُوم الْغنم؟ قَالَ: إِن شِئْت فَتَوَضَّأ، وَإِن شِئْت فَلَا تتوضأ، قَالَ: أتوضأ من لُحُوم الْإِبِل؟ قَالَ: نعم فَتَوَضَّأ من لُحُوم الْإِبِل. قَالَ أُصَلِّي فِي مرابض الْغنم؟ قَالَ: نعم، قَالَ أُصَلِّي فِي مَبارك الْإِبِل؟ قَالَ: لَا " رَوَاهُ مُسلم.

ثم ذكر هذا الحديث المتعلق بلحم الإبل ولحم الغنم وكذلك الصلاة في معاطن الإبل و مرابض الغنم فذكر حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أن رجل سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- قال أتوضأ من أكل لحوم الغنم قال إن شئت يعني إن شئت أن تتوضأ وإن شئت لا تتوضأ يعني معنى ذلك أنه لا ينقض الوضوء وقوله إن شئت يعني معناه أن تتوضأ فهو تجديد للوضوء لأنه على وضوء ما انتقض وضوءه فيعتبر تجديد للوضوء يعني هو إن شاء ألا يتوضأ فإنه على طهره السابق فإذاً هذا متعلق بمشيئة الانسان فإن شاء أن يجدد الوضوء جدده وصار وضوء على وضوء وإن شاء ألا يجدده ولكنه اكتفى بالوضوء السابق لأنه ما حصل نقض فإنه يبقى على طهارته فسأله على الوضوء من لحم الإبل فقال نعم توضأ وهذا يدل على التفريق بين لحم الإبل و لحم الغنم وأن لحم الغنم لا يلزم منه الوضوء وأما لحم الإبل فإنه يلزم فيه الوضوء وقد اختلف العلماء فيما يتعلق بالوضوء من لحم الإبل وجمهور العلماء على أنه لا ينقض وبعض العلماء قالوا بنقضه وقد ذكر النووي رحمه الله أن الجمهور على القول بعدم النقص وأن هناك حديثان صحيحان ثبتا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في النقض قال وهذا القول أقوى دليلاً وإن كان الجمهور على خلافه ومن الذين على خلافه الشافعية ولكن النووي رحمه الله هو على مذهب الشافعية إذا ثبت الدليل وصح الدليل فإنه يقول بما يقتضيه الدليل وإن كان مخالفا للمذهب ولهذا قال وهذا القول أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه أما ما جاء في الحديث الذي يستدل به أنهم يقولون لا ينقض الوضوء حديث جابر رضي الله عنه الذي قال: كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار فهذا عام وهذا خاص و الخاص مقدم على العام ثم أيضا حديث جابر محمول على الذي طبخ وأنه حصل أن مسته النار سواء كان لحم أو غير لحم وكان أخر الأمرين أنه ترك الوضوء مما مست النار ولكن فيما يتعلق

بالإبل فإنه جاء فيه نص خاص يدل على الوضوء منه فيصار إليه ولا يصار إلى عموم يدخل فيه مع وجود خاص يخرجه ويجعل له حكما مستقلا، أما ما يتعلق بمرابض الغنم ومعاطن الإبل فالرسول -صلى الله عليه وسلم- قال يصلوا في مرابط الغنم وأما معاطن الإبل فلا يصلي فيها لكن ليس لنجاستها لأن أبوال الإبل وأرواثها طاهرة وقد ثبت في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصة العرنيين أنهم ارشدهم بأن يذهبوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها فكل ما يؤكل لحمه فإن روثه وبوله طاهر فليس ترك الصلاة في معاطن الإبل من أجل نجاستها فهي طاهرة ولكن قال بعض أهل العلم أن هذا محمول على كراهة التنزيه وليس للتحريم وذلك لأن الإبل عندها شدة وعندها قسوة بحيث أن الإنسان لو صلى في معاطنها ثم حصل لها جفال فإنها تهلكه وتهلك ما حولها فليس من أجل نجاسة البقعة فهي طاهرة ولكن من أجل ما يخشى من تعدي ضرر الإبل على الانسان فيما لو حصل لها جفال بخلاف الغنم فإنه لو حصل لها جفال و الإنسان يصلي في مرابضها ما تؤثر فيه شيئا التي تؤثر هي الإبل.

<<  <   >  >>