للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن ما حكاه هذا المصنف من القصة في التوراة/ لا ينافي ما في القرآن بل في القرآن «١» زيادة بيان ومناسبة للقضية «٢»، فرد تلك الزيادة لكونها لم تذكر في التوراة جهالة، لأنه إبطال للوجود المحض بالعدم المحض، وذلك عناد أو قصر باع في العلم لما بيناه في الوجه الرابع من الجواب عن قوله: ورَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ «٣» في السؤال قبل هذا، وبيان عدم المنافاة: أما قوله:" إن موسى لما ورد ماء مدين لم يجد القوم/ يسقون بل طرءوا بعد ذلك". فهذه مناقشة باردة ممن لا يعلم مواقع الكلام خصوصا لغة العرب واتساعها، بل ولا حقائق المعقولات فإن" لما" في لغة العرب أداة زمانية: أي تدل على الوقت والزمان، فإذا قلت: قام زيد لما قعد عمرو، معناه: قام زيد وقت أو زمان قيام عمرو. فقوله: ولَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً «٤» / أي: وقت أو زمن ورود ماء مدين وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً ولا شك أن الزمان والمكان يكونان حقيقة ومجازا، فحقيقة المكان: هو الموضع الذي يستقر فيه الجسم، ويحيط به فقط دون ما حوله، كدائرة الكرسي مثلا «٥» لمن جلس عليه، ومجاز المكان:

ما قارب مستقر الجسم وما أحاط به من مكانه الحقيقي كالبيت أو الدار بالنسبة إلى الكرسي الذي جلس عليه «٦» وحقيقة زمان الفعل: الجزء الذي يحدث فيه الفعل فقط لا يتناول شيئا مما قبله ولا بعده، كالجزء الذي كان فيه ورود موسى، ومجازه: هو ما قارب ذلك الجزء بساعة أو ساعتين أو أقل أو أكثر بحسب قرب المجاز وبعده وعظم الحقيقة وصغرها.


(١) عبارة (بل في القرآن) سقطت من (ش).
(٢) في (ش): القضية.
(٣) سورة يوسف، آية رقم: ١٠٠.
(٤) سورة القصص، آية رقم: ٢٣.
(٥) في (ش): الكرسي الذي جلس ...
(٦) عبارة «مثلا لمن جلس عليه ومجاز المكان: ما قارب مستقر الجسم وما أحاط به من مكانه الحقيقي كالبيت أو الدار بالنسبة إلى الكرسي» سقطت من (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>