لما حصل لهم، ورأوا يهوذا وحده مبهوتاً أصابه الذهول، وقد رأى المسيح يرفع للسماء، وقد ألقى الله عليه الكثير من شبه المسيح، ولكن من سيتوقع أن هذا المذهول هو يهوذا، ومن الذي يعرفه وقتذاك؟
فكانت لحظةُ وقوع الجند: لحظة الخلاص كما وصفتها المزامير " الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه ... هم جثوا وسقطوا، أما نحن فقمنا وانتصبنا "(المزمور ٢٠/ ٨).
وفي مزمور آخر:" أما أنت فتبارك، قاموا وخزوا"(المزمور ١٠٩/ ٢٨).
وفي مزمور آخر يسجل تلك اللحظة الخالدة:"حينئذ ترتد أعدائي إلى الوراء "(المزمور ٥٦/ ٩)، و "ليرتد إلى خلف، ويخجل المشتهون لي شراً "(المزمور ٧٠/ ٢)، و" عندما اقترب إلي الأشرار ليأكلوا لحمي، ومضايقي وأعدائي عثروا وسقطواً"(المزمور ٢٧/ ٢)، "ليخز وليخجل معا الذين يطلبون نفسي لإهلاكها، ليرتد إلى الوراء، وليخز المسرورون بأذيتي"(المزمور ٤٠/ ١٤ - ١٥) وغيرها.
بعدها حُمل يهوذا إلى المحاكمة وإلى ديوان بيلاطس، والشك في حقيقة شخصه يلاحقه في كل هذه الخطوات، فقد شك فيه رئيس الكهنة، وكانت إجاباته لبيلاطس وهيرودس تنبئ عن الذهول الذي أصابه، وعن عجزه عن بيان الحقيقة، التي لن يقنع أحداً إن ذكرها، فكان يجيبهم:" أنت تقول"(متى ٢٧/ ١١).
ولما اجتمع في النهار مشيخة الشعب، ورؤساء الكهنة، " وأصعدوه إلى مجمعهم قائلين: إن كنت أنت المسيح، فقل لنا. فقال لهم: إن قلت لكم لا تصدقون، وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني. منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الله. فقال الجميع: أفأنت ابن الله؟ فقال لهم: أنتم تقولون: إني أنا هو "(لوقا ٢٢/ ٦٦ - ٧٠).
ولا يفسر هذه الإجابات الغريبة، بل وتلك الأسئلة الغريبة من أناس كانوا يرون المسيح في كل يوم، لا يفسره إلا أن نقول بأن المأخوذ هو غير المسيح، وإن أشبهه،