ومثله ذكر يوحنا أيضاً بعد سقطتهم، أن المسيح سألهم:" من تريدون؟ فقالوا: يسوع الناصري. أجاب يسوع: قد قلت لكم إني أنا هو ... ثم إن الجند والقائد وخدام اليهود قبضوا على يسوع، وأوثقوه "(يوحنا ١٨/ ٧ - ١٢).
كما قد يعترض معترض بذكر ما انفرد به يوحنا، وهو حضور أم المسيح إلى ساحة الصلب، فيقول: لا يصح أن يخفى عليها حقيقة المصلوب، وأن ليس ابنها.
لكن أمثال هذه النصوص التي لن يستطيع أحد أن يثبت وقوعها أو عصمة كُتابها لكثرة ما رأينا من أخطائهم وتناقضاتهم، ولا تنهض مثل هذه الروايات في الرد على نبوءات المزامير والأناجيل، وإلحاقُها بتناقضات الأناجيل وأخطائها أَوْلَى.
وقد يعترض معترض على رفع المسيح ونجاته مستشهداً بروايات القيامة التي تشير إلى وجود أرضي للمسيح بعد حادثة الصلب، وهو اعتراض لا يعول عليه في مثل هذه المسألة لأنه بعض تلك الروايات المفككة، وهو على كل حال لا يتعارض مع نجاة المسيح من الصلب، بل نراه مؤكداً وشاهداً بها، فوجود المسيح يدل على أنه مازال حياً، وتخفيه من اليهود والرومان بصورة البستاني (انظر يوحنا ٢٠/ ١٤ - ١٥)، وبهيئات أخرى منعت التلاميذ مجتمعين من معرفة شخصه، (انظر لوقا ٢٤/ ١٣ - ١٩، ويوحنا ٢١/ ١ - ٧). وكل هذا دليل على نجاة المسيح من الموت، لا قيامته منه.
فلو كان المسيح قد قهر الموت لما خافه ثانية، ولما تخفى من اليهود، إذ الموت لا يتسلط عليه ثانية كما قال مؤلف الرسالة إلى العبرانيين:" وكما وضع للناس أن يموتوا مرة، ثم بعد ذلك الدينونة "(عبرانيين ٩/ ٢٧)، وفي رسالته إلى أهل رومية يقول بولس:" المسيح بعد ما أقيم من الأموات لا يموت أيضاً، لا يسود عليه الموت بعد "(رومية ٦/ ٨ - ٩)، وهكذا فلا مبرر لتخفيه إلا إذا كان قد نجى من الموت، ويخشى أن يفطن أعداؤه لنجاته، فيستدركوا ما فاتهم.