للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً} (النساء: ١٥٧).

وهذا الذي ذكره القرآن تصدقه النصوص الإنجيلية التي ذكرت شك الجنود واليهود في شخص المصلوب، وقد وقعت يومذاك عدة صور للشك:

أولها: أن من جاءوا للقبض عليه أنكروا وجهه وصوته، ولم يعرفوه حيث خرج إليهم وقال: من تطلبون؟ فأجابوه: يسوع الناصري، فأخبرهم بأنه هو، بيد أنهم لم يسارعوا للقبض عليه، فأعاد عليهم السؤال، فأعادوا الجواب. (انظر يوحنا ١٨/ ٣ - ٨).

فهذا يدل على شكهم في شخصه، والسؤال المثير للاستغراب: كيف وقعوا بهذا الشك، والمسيح قد عاش بين أظهرهم، وهو أشهر من علم؟

ثانيها: شك رئيس الكهنة في شخصية المأخوذ، وهو أمر جِد مستغرب، إذ المسيح كان يجلس في الهيكل، ويتحدث مع الكهنة ورؤسائهم، ورأوه وهو يقلب موائد الصيارفة في الهيكل (انظر متى ٢١/ ١٢ - ١٥، ٢٣ - ٤٦).

وقد قال لهم حين جاءوا لأخذه: " كأنه على لص خرجتم بسيوف وعصيٍ لتأخذوني، كل يوم كنت أجلس معكم أعلم في الهيكل، ولم تمسكوني " (متى ٢٦/ ٥٥).

ويظهر الشك جلياً في قول رئيس الكهنة له أثناء المحاكمة: " أستحلفك بالله الحي، أن تقول لنا: هل أنت المسيح ابن الله؟ " (متى ٢٦/ ٦٢ - ٦٤).

ويجلي لوقا ذلك فيقول: " ولما كان النهار، اجتمعت مشيخة الشعب، ورؤساء الكهنة والكتبة، وأصعدوه إلى مجمعهم قائلين: إن كنت المسيح فقل لنا، فقال لهم: إن قلت لا تصدقون، وإن سألت لا تجيبونني ولا تطلقونني، منذ الآن يكون ابن الإنسان جالساً عن يمين قوة الله، فقال الجميع: أفأنت ابن الله؟ فقال لهم: أنتم تقولون: إني أنا هو " (لوقا ٢٢/ ٦٦ - ٧٠).

<<  <   >  >>