للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول بولس: " طوبى للذين غفرت آثامهم وسترت خطاياهم، طوبى للرجل الذي لا يحسب له الرب خطية" (رومية ٤/ ٧ - ٨)، فثمة أناس عفا الله عن خطاياهم وذنوبهم، وسترها عليهم، من غير دم يسفك عنهم، ولا تناقض بين عدل الله ورحمته بشأنهم.

وقد علّم المسيح تلاميذه خلق العفو، وضرب لهم مثلاً قصة العبد المديون والمدين. (انظر متى ١٨/ ٢٣ - ٣٤).

وكان بطرس قد سأل المسيح: " يا رب كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟ قال له يسوع: بل إلى سبعين مرة " (متى ١٨/ ٢١ - ٢٢).

ومرة أخرى قال لهم: " أما أنا فأقول لكم: أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم، لكي تكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات، فإنه تشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين " (متى ٥/ ٤٤ - ٤٥).

فالعفو عن الخاطئين صفة مدح، اللهُ أولى بها من عباده، وهو أقدر منهم وأغنى جل وعز.

ولم لا يكون العفو بصك غفران يمنحه الله لآدم، ويجنب المسيح ويلات الصلب وآلامه، أو لم لا يجعل للمسيح فدية عن الصلب، كما جعل لإبراهيم فدية فدى بها ابنه إسماعيل.

وكذا فإن إصرار النصارى على أنه لا تكون مغفرة إلا بسفك دم (انظر عبرانيين ٩/ ٢٢) (١) ترده نصوص أخرى أخبرت أن الله قد يرفض الذبائح ولا يرتضيها وسيلة


(١) يخالف الكاتب المجهول لرسالة العبرانيين المصر على الدم ما جاء في العهد القديم، فإنه يجيز المغفرة بدون سفك دم، فيكفر خطيئة المذنب الفقير إذا قدم لترين ونصف من الدقيق "وإن لم تنل يده يمامتين أو فرخي حمام، فيأتي بقربانه عما أخطأ به عُشر الإيفة من دقيق قربان خطية، لا يضع عليه زيتاً، ولا يجعل عليه لباناً لأنه قربان خطية" (انظر: اللاويين ٥/ ١١ - ١٢).

<<  <   >  >>