فكرة رفق الله بالبشر، وهذا الرفق بهم هو ما حمله على إقالتهم من عثارهم، فأرسل إليهم ابنه الوحيد، ليفتديهم على الصليب ... وهذه الفكرة عينها هي التي هيمنت على إنجيل لوقا ".
ويقول ارنست دي بوش في كتابه " الإسلام: أي النصرانية الحقة ": إن جميع ما يختص بمسائل الصلب والفداء هو من مبتكرات ومخترعات بولس ومن شابهه، من الذين لم يروا المسيح، لا من أصول النصرانية الأصلية ". (١)
ففكرة الفداء والخلاص بدعة بولسية لم يقلها المسيح، ولم يعرفها الحواريون، فنصوص الأناجيل التي تحدثت عن الفداء نصوص لا يفهم منها خالي الذهن تلك العقيدة التي فهمها النصارى.
وعقيدة بهذه الأهمية ما كان المسيح ليضِنّ على البشر ببيانها وتوضيحها، إذ يزعمون أن مصير البشرية يتعلق بالإيمان بها، فقد تعلق بها هلاك البشر ونجاتهم.
ويحاول النصارى التأكيد على ورود هذا المعتقد على لسان المسيح وتلاميذه، ويتعلقون ببعض نصوص الإنجيليين، ومن هذه النصوص: قول متى: " فستلد ابناً، وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم"(متى ١/ ٢١)، ومثله:" إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب "(لوقا ٢/ ١١)، ومثله " لأن عيني قد أبصرتا خلاصك الذي أعددته لجميع الشعوب "(لوقا ٢/ ٣٠)، و " كما أن ابن الإنسان لم يأت ليُخدم، بل ليَخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين"(متى ٢٠/ ٢٨)، و"هذا هو دمي الذي للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا "(متى ٢٦/ ٢٨)،
(١) انظر: العقائد المسيحية بين القرآن والعقل، هاشم جودة، ص (٢١٤)، الفارق بين المخلوق والخالق، عبد الرحمن باجي البغدادي، ص (٤٦٥ - ٤٦٦).