للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الناس فيقتلونه، وبعد أن يقتل يقوم في اليوم الثالث، وأما هم فلم يفهموا القول، وخافوا أن يسألوه " (مرقس ٩/ ٣٠ - ٣٢).

يقول الأب متى المسكين: "بالرغم من وضوح تنبؤ المسيح الدقيق عن كيفية موته .. والتلميح إلى محاكمة الأمم له ووصف جميعه آلامه، ثم الصلب والموت والقيامة، لكن لم يستطع التلاميذ على وجه الإطلاق أن يفهموا شيئاً من كل ذلك، لأن كل آمالهم كانت في ملكه السعيد الآتي وكيف سيجلسون معه في عرشه". (١)

ومن هؤلاء التلاميذ التلميذان المنطلقان إلى عمواس، فقد جهلا مسألة الفداء والأبعاد التكفيرية لصلب المسيح، وهذا بينه واضح لمن رأى جوابهما للمسيح الذي ظهر لهما متنكراً وسألهما: "ما هذا الكلام الذي تتطارحان به وأنتما ماشيان عابسين"، فأخبره التلميذان بأنهما حزينان على المسيح الذي "أسلمه رؤساء الكهنة وحكامنا لقضاء الموت وصلبوه، ونحن كنا نرجو أنه هو المزمع أن يفدي إسرائيل، ولكن مع هذا كله اليوم له ثلاثة أيام منذ حدث ذلك " (لوقا ٢٤/ ١٧ - ٢١). لقد جهل التلميذان موضوع الخلاص بموت المسيح، فهما يبحثان عن خلاص آخر، وهو الخلاص الذي يأتي به النبي الذي تنتظره بنو إسرائيل.

يقول القس الخضري: "وكلمة (يفدي) هنا لا تعني ما نفهمه نحن حالياً: أي فداء الخاطئ من خطاياه، بل تعني أن ينقذ أو يحرر ". (٢)

وأيضاً جهلت الجموع التي شهدت الصلب أن ذلك الصلب يكفر الخطيئة


(١) الإنجيل بحسب القديس متى (دراسة وتفسير وشرح)، الأب متى المسكين، ص (٤٩٦)، وانظر مختصر تاريخ الكنيسة، أندرو ملر، ص (٩٩).
(٢) تاريخ الفكر المسيحي، الدكتور القس حنا جرجس الخضري (١/ ٣٧٨).

<<  <   >  >>