(لوقا ١٩/ ١٠) لم يكن في سياق الحديث عن الخلاص بدم المسيح المصلوب، بل جاء في سياق الحديث عن الخلاص بالعمل الصالح الذي أمر به المسيح، فقد ورد هذا القول في سياق قصة التلميذ زكا الذي أعطى نصف أمواله للفقراء، فنجا بسبب ذلك "فقال له يسوع: اليوم حصل خلاص لهذا البيت، إذ هو أيضاً ابن إبراهيم، لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك"(لوقا ١٩/ ١٠).
وأما شهادة المعمدان بأن المسيح هو " حمل الله الذي يرفع خطية العالم"(يوحنا ١/ ٢٩) فهو قول مهم، لكن لم يفهم منه قائله (المعمدان) ما تفهمه الكنيسة اليوم، يقول القس سمعان كلهون:"ولعل يوحنا لم يفهم شهادته كما نقدر نحن الآن أن نفهمها بواسطة كل النور المندفع عليها من العهد الجديد، وخصوصاً الرسالة إلى العبرانيين، ولكنه رأى وأراد أن يرى الآخرون في المسيح الطريق المعينة من الله بحياته وموته للتكفير عن جميع معاصي كل تائب مؤمن". (١)
ولئن كانت الفكرة تائهة عند الإنجيلين فهي كذلك عند بقية تلاميذ المسيح وحوارييه الذين لا تجد لديهم بقصة الفداء خبراً، فلم ترد عنهم نصوص تبيين علمهم بهذه المسألة، وهذا لا ريب دال على كونها من صنع بولس وتأليفه، وأن المسيح لم يخبر بها، ولم يعلمها أصلاً.
وفي ذلك يقول شارل جنيبر:" إن موت عيسى في نظر الإثني عشر ليس بالتضحية التكفيرية ".
والحواريون لم يعلموا أصلاً بأن المسيح سيصلب، فضلاً عن أن يكونوا قد فهموا أنه سيصلب فداء لخطايا الناس، وكما قال مرقس: " كان يعلم تلاميذه، ويقول لهم:
(١) انظر اتفاق البشيرين، القس سمعان كلهون، ص (١١٦).