للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخلاص الروحي، بل الخلاص من الأعداء الظاهرين المستولين على البلاد، كذلك الفداء .. فتصور الخلاص الذي رآه زكريا بأنه على مستوى القرن الضارب هو تصوير قديم يناسب ما قبل الصليب، لذلك يبقى سر الخلاص إلى آخر لحظة في العهد القديم منحجباً .. فالخلاص هو خلاص سياسي بمعنى التحرر من عبودية الرومان والوقوع تحت ظلم حكومتهم وعدائهم، وهذا هو الذي كان يقصده زكريا من قوله السابق". (١)

وهكذا فزكريا يتنبأ عن المسيح الفادي الذي تكلم عنه الأنبياء القديسون منذ الدهر، المسيح الذي يخلص شعبه من أعدائهم، كما حلف الرب لإبراهيم، ولم ينسب زكريا إلى الأنبياء معرفة الخلاص المسيحي، فهم لا يعرفون عنه شيئاً.

وما قلناه في حق الأنبياء يقوله القس سمعان كلهون عن معاصري المسيح من اليهود "فإنهم انتظروه مسيحاً، لكنهم توقعوا منه خلاصاً زمنياً فقط". (٢)

وهنا يحسن أن نتوقف مع الأب المسكين الذي رفض تصور زكريا للفداء ولوظيفة المسيا القادم، وأشار إلى ضعف هذا التصور وقصوره وخطئه وسذاجته حين قال: "تصوير قديم يناسب ما قبل الصليب"، وكأني بالأب المسكين لم يتنبه إلى أن هذا المفهوم الذي فهمه زكريا ونسبه إلى الأنبياء، إنما يستمده من كلام الروح القدس ووحيه، فالنص في مقدمته صريح في ذلك "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس، وتنبأ قائلاً: مبارك الرب إله إسرائيل ... " (لوقا ١/ ٦٧)، فهل كان المعنى المسيحي للفداء والخلاص محجوباً عن الروح القدس كما هو محجوب عن الأنبياء؟


(١) الإنجيل بحسب القديس لوقا (دراسة وتفسير وشرح)، الأب متى المسكين، ص (١١٤ - ١١٥)، وانظر قاموس الكتاب المقدس، ص (٣٤٤).
(٢) اتفاق البشيرين، القس سمعان كلهون، ص (٩٢).

<<  <   >  >>