أبشر أبا العباس إنك ثالث ... من بعدهم، لسَقْيًا لنوبة أحمد
قال: فصاح أبو العباس القاضي وبكى وقال: قد نعى إليَّ نفسي.
قال الشيخ أبو الوليد: فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة.
٨٣ - قال الحاكم أبو عبد الله: فلما رَوَيْتُ أنا هذه الحكاية كتبوها، وكان ممن كتبها شيخ أديب فقيه، فلما كان في المجلس الثاني قال لي بعض الحاضرين: إن هذا الشيخ قد زاد في تلك الأبيات ذِكْر الشيخ أبي الطيب سهل بن محمد، وجعله على رأس الأربع مئة، فسألت ذلك الفقيه عنه، فأنشدني قوله في قصيدة مدحه بها:
والرابعُ المشهورُ سهلُ محمدٍ ... أضحى إمامًا عند كل موحِّد
يأوي إليه المسلمون بأسْرهم ... في العلم إن جاؤوا لخطب مؤبَّد
لا زال فيما بيننا شيخُ الورى ... للمذهب المختار خيرَ مجدِّد
قال الحاكم: فسكتُّ ولم أنطق، وغمَّني ذلك إلى أنْ قدّر الله وفاته رحمه الله في تلك السنة.
٨٤ - أخبرنا أبو عبد الرحمن السُّلَمي قال: سمعت عبد الرحمن بن عبد الله الذُّبياني يقول: سمعت أبا المنير سهل بن عبد الصمد الرقي يقول: سمعت داود بن علي- هو الأصبهاني- يقول: اجتمع للشافعي رحمه الله من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، فأول ذلك: شرف نسبه ومنصبه، وأنه من رهط النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها: صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع، ومنها: سَخَاوة النفس، ومنها: معرفته بصحة الحديث وسَقَمه، ومنها: معرفته بناسخ الحديث ومنسوخه، ومنها: حفظه لكتاب