يقول: كان الشافعي قد جَزّأأ الليل ثلاثة أثلاث، الثلث الأول: يكتب، والثلث الثاني: يصلي، والثلث الثالث: ينام.
٩٩ - وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت محمد بن عبد الله ابن شاذان يقول: سمعت محمد بن علي الكتاني يقول: سمعت عمرو بن عثمان المكي يقول: ما رأيت أحدًا من المتعبدين في كثرة من لقيت منهم بمكة ممن هو مقيم، ومن قدم علينا في المواسم، ولا فيمن لقيت بالشام وسواحلها ورباطاتها، والإسكندرية، أشدَّ اجتهادًا من المزني، ولا أدومَ على العبادة منه، وما رأيت أحدًا أشدَّ تعظيمًا للعلم وأهله منه، وكان من أشد الناس تضييقًا على نفسه في الورع، وأوسعه في ذلك على الناس، وكان يقول: أنا خُلُق من أخلاق الشافعي.
١٠٠ - قال الإمام أحمد: وأحببت أن يكون ذلك الكتاب منقولًا على ترتيب "المختصر"، ليكون طلب المشكل منه أيسرَ، فلم أجد أحدًا من أصحابنا سبق إليه، فجَهَدت في جمع كتبه، ثم في نقل مسائله مع دلائله، على أبواب "المختصر" وترتيبه.
وحين وقع الفراغ من تهذيبه بمشيئة الله وحسن توفيقه، أردت إيراد ما نُقل إلينا عن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيان أحكام كتاب الله جل ثناؤه، ثم ما أضاف إليه من سننه التي ألزمَنا الله تعالى طاعته فيها، ومتابعته فيما أُثبت لنا منها، ثم ما ورد عن أصحابه الذين أدَّوْا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشاهدوه والوحيُ ينزل عليه، وكانوا رضي الله عنهم صدر هذه الأمة، وبهم القدوة بعد الرسول في أحكام الشريعة.
فاستخرتُ الله تعالى في ذلك، فوقعت الخِيرة على إيراده على ترتيب