١٠١ - ثم إني رأيت جماعة من علمائنا خرَّجوا ماوجدوا من السُّنن على مسائل الفقه من غير تمييز منهم، صحيحها من سقيمها، ولا قويها من ضعيفها، حتى ينزل جميعها من ليس الحديث من شأنه منزلة واحدة، لا يهتدي إلى منازلها في السقم والصحة، فأشرت في كل حديث أوردته إلى منزلته عند أهل العلم به.
فإن كان مما أخرجه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري رحمهما الله في كتابيهما، وهو الدرجة الأولى من الصحاح بيَّنته، وإن كان مما أخرجه أحدهما دون الآخر، وبعضه دون الدرجة الأولى في الصحة، ذكرته.
وإن كان مما لم يُخرجاه ولا أحدهما، ولكن خرجه أبو داود سليمان ابن الأشعث السجستاني أو غيره من أئمة الحديث في كتابه محتجًا به، وبعضُه دون ما تقدم في القوة، ربما ذكرت المحتج به، وربما أطلقته.
وإن كان في إسناده ضعف بانقطاع إسناده، أو ضعف بعض رواته، أو جهالته شرحتُه، وربما اكتفيت بشرحه في موضع عن تكريره في سائر المواضع، وربما أضفت الطعن فيه إلى قائله من أهل المعرفة بالحديث على طريق الإيجاز، ليكون من نظر فيه من أهل الفقه على بصيرة بما يحتج به أو يرجح به، وما يَدَعه من الأحاديث التي لا تقوم الحجة بأمثالها، لا نردّ منها ثابتًا، ولا نثبت ضعيفًا.
١٠٢ - وكنت نقلت في أول "المبسوط" فصولًا من كلام الشافعي في أصول الشريعة، لإيراد المزني فصل التقليد في الترجمة، وقد نقل إليها