للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنا آتيه بالخبر، ونحن حينئذٍ نتخوَّف ملكًا من ملوك غسان، ذُكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا، وقد امتلأت صدورنا منه، فأتاني صاحبي الأنصاري، فدقّ الباب فقال لي: افتح، افتح، فقلت جاء الغساني؟ فقال: أشدُّ من ذلك، اعتزل رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه، فقلت: رَغِم أنف حفصة وعائشة.

فآخُذ ثوبي وأخرج حتى جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَشْرُبة له، يُرتقى إليه بعجلة، وغلامٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم أسودُ على رأس الدرجة، فقلت: هذا عمر، فَأُذِن لي.

قال عمر: فقصصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، فلما بلغتُ حديثَ أم سلمة: تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسه وسادة من أدَم حشوها ليف، وإن عند رجليه قَرَظًا مصبورًا (١)، وعند رأسه أُهُبٌ معلَّقة، فرأيت أثر الحصير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكيت، فقال: "ما يبكيك؟ "، قلت: يا رسول الله، إن كسرى وقيصر على ما هما فيه، وإنك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولك الآخرة؟ ! ".

رواه البخاري: عن عبد العزيز الأويسي، عن سليمان بن بلال، ورواه


(١) في الأصل: قرظً مصبورً، على لغة ربيعة، يكتبون المنصوب على صورة المرفوع والمجرور، ويقرؤونه منصوبًا، وانظر كلمة طويلة مفيدة في التعليق على "العلل" لابن أبي حاتم ١: ٤٤٩ (٣٤).
والقَرَظ: ثمر معروف، والمصبور: بالصاد المهملة: المجموع، ويروى بالضاد المعجمة، والمعنى واحد.