ثانيهما: أقول: كان ينبغي للإمام البيهقي أن لا يُغفل القول الآخر في مراسيل الزهري، شعورًا منه بخطورة هذه الكلمة، ولأن القول الآخر صدر من إمام كبير وخماصة أنه إمام في معرفته بالزهري، ولأن هذا القول الآخر قريب منه، فإنه في كتاب أكثر المصنف النقل منه جدًا في هذا "المدخل". وأعرَف بهذا الإمام الكبير أولًا، فأقول: ترجم الذهبي في "السير" ١٢: ١٦٠ لأحمد بن صالح المصري فقال: الإمام الكبير حافظ زمانه بالديار المصرية، وكان رأسًا في هذا الشأن، قلّ أن ترى العيون مثله، مع الثقة والبراعة، وأرخ ولادته ووفاته (١٧٠ - ٢٤٨) رحمه الله تعالى، وفيه أيضًا: سئل أحمد بن حنبل: من أعرف الناس بحديث ابن شهاب؟ فقال: أحمد بن صالح، ومحمد بن يحيى النيسابوري (الذهلي)، وفيه ص ١٦٩ - ١٧٠ قصة طويلة فيها مذاكرة أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح هذا، مجلسًا طويلًا في مراسيل الزهري. هذا الإمام أحمد بن صالح المصري يحكي عنه تلميذه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" ١: ٦٨٦ أنه نُقل إليه قول يحيى القطان: مرسل الزهري شبه لا شيء، فغضب أحمد بن صالح وقال: "ما ليحيى ومعرفة علم الزهري، ليس كما قال يحيى"، ورواه من طريق يعقوب بن سفيان: الخطيب في "الكفاية" ص ٣٨٦، وقدَّمه على الأقوال الأخرى في ذمّ مراسيل الزهري، وابنُ عساكر في "تاريخه" ٥٥: ٣٦٩ وختم به الأقوال الذامة لمراسيله. وأقول أخيرًا: إن هذا القول من هذا الإمام لا بدّ أن له وجاهة واعتبارًا، ولا =