{ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)}. قوله تعالى:{وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ؛} أي قرئت عليهم آياته بالأمر والنّهي، {زادَتْهُمْ إِيماناً؛} يقينا وبصيرة بالفرائض مع تصديقهم بالله {وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}(٢)؛أي يفوّضون أمورهم إلى الله لا يثقون بغيره.
ثم زاد في نعت المؤمنين فقال:{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ؛} أي يقيمونها بوضوئها وركوعها وسجودها في مواقيتها، {وَمِمّا رَزَقْناهُمْ؛} أعطيناهم من الأموال، {يُنْفِقُونَ}(٣)،في طاعة الله، وإنّما خصّ الله الصلاة والزكاة؛ لعظم شأنهما وتأكيد أمرهما.
قوله تعالى:{أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا؛} أي أهل هذه الصّفة الذين تقدّم ذكرهم الذين استحقّوا هذه الصفة صدقا، {لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ؛} أي لهم فضائل ومنازل في الرّفعة في الآخرة على قدر أعمالهم، {وَمَغْفِرَةٌ؛} لذنوبهم؛ {وَرِزْقٌ؛} وثواب حسن؛ {كَرِيمٌ}(٤)؛في الجنّة.
قوله تعالى:{كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ؛} وذلك أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بلغه أنّ عير قريش أقبلت من الشّام، وفيهم أبو سفيان ومخرمة بن نوفل في أربعين رجلا من قريش تجّارا، فقال عليه السّلام لأصحابه:[هذه عير قريش قد أقبلت، فاخرجوا إليها، فلعلّ الله أن ينفلكموها فتنتفعوا بها على عدوّكم](١).فيعدّوا على نواضحهم ومعهم فارسان لا غير؛ أحدهما الزّبير والآخر المقداد، فخرجوا بغير قوّة ولا سلاح، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا لا يرون أنه يكون قتال.
فبلغ ذلك أبو سفيان، فأرسل من الطريق ضمضم بن عمرو الغفاري يخبر أهل مكّة أن محمّدا قد اعترض لعيركم فأدركوها. فنزل جبريل عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره بنفر المشركين يريدون عيرهم، وقال:[يا محمّد إنّ الله يعدك إحدى الطّائفتين، إمّا العير وإمّا العسكر] فأخبر بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المسلمين فسرّوا بذلك
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٢٠٠).وينظر شرح الطبري في جامع البيان: للأثر (١٢١٩٦) وتفسيره للآية.