سورة (المنافقون) مدنيّة، وهي سبعمائة وستّة وأربعون حرفا، ومائة وثمانون كلمة، وإحدى عشرة آية. قال صلّى الله عليه وسلّم:[من قرأ سورة المنافقين برئ من النّفاق](١).
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ؛} معناه: إذا جاءك يا محمّد منافقوا أهل المدينة عبد الله بن أبي وأصحابه، {قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ،} قالوا: نقسم إنّك لرسول الله، وعلى ذلك ضميرنا واعتقادنا، {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ،} من غير شهادة المنافقين وحلفهم، {وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}(١)؛أي والله يخبر أنّ المنافقين لكاذبون فيما يعتقدونه بقلوبهم وما يقولون بألسنتهم، فهم كاذبون في إخبارهم عمّا في ضمائرهم، فأمّا شهادتهم بألسنتهم أنه رسول الله فقد كانت صدقا.
قوله تعالى:{اِتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً؛} أي سترة يدفعون بها عن أنفسهم السّبي والقتل والجزية كمن أعدّ على نفسه جنّة لدفع الجراح. قوله تعالى:{فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ؛} أي منعوا الناس عن طاعة الله وامتنعوا عنها، {إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ}(٢)؛في نفاقهم من الكذب والخيانة.
وفي هذه الآية دليل أنّ قول الرجل: أشهد، يمين؛ لأنّ القوم قالوا (نشهد) فجعله الله يمينا في هذه الآية، وعلى هذا أقسم وأعزم وأحلف، كلّها أيمان عند أبي حنيفة وصاحبيه، والثوريّ والأوزاعي.
(١) من أحاديث فضائل القرآن، إسناده عن أبي بن كعب، وهو موضوع. أخرجه الثعلبي في الكشف والبيان: ج ٩ ص ٣١٩.