سورة الحجّ مكّيّة إلاّ الآيات: قوله: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ} إلى آخر الآيتين، وقوله:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ} إلى آخر الآيتين، وقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} إلى آخر هذه السّورة، فهذه الآيات مدنيّات، وكلّ شيء في القرآن {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فهو مدنيّ، وكلّ شيء فيه {يا أَيُّهَا النّاسُ} فهو مكّيّ وفيه مدنيّ، ولا يوجد {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلاّ مدنيّا فقط، هكذا روي عن ابن عبّاس.
وعدد آيات السّورة ثمان وتسعون آية، وخمسة آلاف وخمسة وتسعون حرفا، ومائتان وإحدى وتسعون كلمة.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ}(١)؛ قال ابن عبّاس:(يريد يا أهل مكّة اتّقوا ربّكم، واحذروا عقابه إنّ زلزلة قيام السّاعة شيء عظيم) أي هول عظيم، لا يوصف لفظه، والزّلزلة: شدّة الحركة مع الحال الهائلة.
قوله تعالى:{يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ؛} أي يوم ترون تلك الزّلزلة تذهل في ذلك اليوم كلّ مرضعة عمّا أرضعت؛ أي تنسى.
وقيل: تشتغل، وقيل: تترك، يقال: ذهلت عن كذا إذا تركته. وقيل: معنى الآية: يوم ترون الزلزلة تشتغل كلّ مرضعة عن ولدها بغير فطام، {وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها،} وتضع الحامل ما في بطنها لغير تمام. وهذا إنّما يكون على وجه التّشبيه، والمعنى: أن لو كانت ثمّ مرضعة لذهلت عن ولدها، وحامل لوضعت حملها.