تبنيه المذهب والجواب على مسائل الشافعية، وهو ما نجده واضحا في تفسيره عند التعامل مع الرأي الآخر بهدوء وموضوعية.
٦.يعد الإمام الطبراني من كبار علماء أصفهان، وإليه ينتهي العلم في الحديث، وأنه يسير على منهج أهل زمانه فقها وعلما ولا يبتدع. ذكر الذهبي في ترجمة محمد بن أحمد القاضي العسال أن أبا جعفر أحمد بن محمد الزاهد قال أبياتا منها (١):
لقد مات من يرعى الأنام بعلمه ... وكان له ذكر وصيت فينفع
وقد مات حفّاظ الحديث وأهله ... وممّن رأينا وهو في النّاس مقنع
أبو أحمد القاضي وقد كان حافظا ... ولم يك من أهل الضّلالة يتبع
وكان أبو إسحاق ممّن شهرته ... يدرّس أخبار الرّسول ويوسع
وثالثهم قطب الزّمان وعصره ... أبو القاسم اللّخميّ قد كان يبدع
ورابعهم كان ابن حبّان آخرا ... ومات فكيف الآن في العلم يطمع
وعلى هذا فإن الإمام الطبراني حنفي المذهب من أهل السنة والجماعة محدّث بارع ومفسر، بارك الله له في عمره وجعل خاتمة أعماله على ما يبدو لنا هذا السفر الكبير في تفسير القرآن العظيم.
منهج الإمام الطّبرانيّ في التّفسير:
ربما يفاجأ القارئ المطّلع ويتعجب متسائلا عن سبب تأخير ظهور هذا التفسير، وبخاصة أن الإمام الطبراني يسلك فيه منهج المفسّرين ويسير بطرائقهم وفق قواعد علم التفسير وأصوله، وهو العالم المحدّث الحافظ ليراه على غير المعهود الذهنيّ الذي يرسمه النابه للمحدّث؛ حيث صورته في التعامل مع النصّ القرآني، ليس كما هو معروف من أسلوب المحدّثين حين النظر في موضوع الآيات وإسناد أسباب النزول أو ما يتعلق بدلالة الآية في المجال الحديثيّ.
(١) سير أعلام النبلاء: ج ١٠ ص ٦،وقال الذهبي: (أبو إسحاق هو إبراهيم بن محمد الحافظ، توفي سنة ثلاثة وخمسين وثلاثمائة. واللخمي هو سليمان بن أحمد الطبراني الحافظ مات سنة ستين وثلاثمائة. وابن حبان هو الحافظ أبو الشيخ، توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة عن بضع وتسعين سنة).