سورة الحجر مكّيّة، وهي تسع وتسعون آية بلا خلاف، وألفان وسبعمائة وستّون حرفا، وستّمائة وأربع وخمسون كلمة.
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ؛} قد تقدّم تفسير الر، ومعنى {(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ)} أي هذه آيات الكتاب الذي وعدت إنزاله عليك. قوله تعالى:{وَقُرْآنٍ مُبِينٍ}(١) أي مبيّن للحلال والحرام، مميّز بين الحقّ والباطل.
قوله تعالى:{رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ}(٢)؛أي ربّما يأتي على الكفار يوم يتمنّون أن لو كانوا مسلمين، وذلك في الآخرة إذا صار المسلمون إلى الجنّة والكفار إلى النار.
قال ابن عبّاس:(وذلك أنّ الله تعالى إذا أدخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار، أحبس قوم من المسلمين ومن المنافقين على الصّراط، فيقول المنافقون لهم:
نحن حبسنا بكفرنا ونفاقنا، فما نفعكم إيمانكم بمحمّد؟ فعند ذلك يصيحون صيحة لمّا عيّرهم المنافقون، فيسمعها أهل الجنّة، فيقومون إلى آدم ثمّ إلى إبراهيم، ثمّ إلى موسى، ثمّ إلى عيسى يطلبون الشّفاعة لهم، فيحيلونهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيشفع لهم، وذلك هو المقام المحمود، فيدخلهم الله الجنّة، فإذا نظر المنافقون إليهم تمنّوا أن لو كانوا مسلمين).
قوله تعالى:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ؛} أي اتركهم يا محمّد يأكلوا في الدّنيا كالأنعام، ويتلذذوا قليلا، ويشغلهم الأمل الطويل عن طاعة الله، {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}(٢)،فسيعلمون ماذا ينزل بهم من العذاب، وعن رسول