إن الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله.
وبعد: فإنه لا يخفى أنّ علم التفسير من أجلّ العلوم وأسمى المعارف، فهو أحد العلوم الشرعيّة الثلاثة التي أوجبها الشارع الحكيم على جماعة المسلمين، وجعل تعلّمها من فروض الكفاية، والسّعي لها من السّنن المندوبات حين تتوفر الأهلية في الجماعة.
ولقد قطعت الأمة الإسلامية شوطا بعيدا في إنجاز هذه المهمّات على مدار الأزمان وتغيّر الأحوال، فوجد من العلماء الأجلاّء من قام بهذه المهمّة على امتداد العقود من القرون الماضية، في مجال الحديث والفقه والتفسير، فأدى المهمة، ونفع الأمة بمعالجة مختلف الأحوال والمشكلات. ومنهم إمامنا الطبرانيّ الكبير في مجال الحديث والتفسير.
وإذ نقدم هذا التحقيق للتفسير الكبير للإمام الطبرانيّ (تفسير القرآن العظيم) فإننا نقدم مثالا لجهد عالم في حقبة من تاريخ الأمة؛ لينتفع من علمه، ويفاد من ممارسته، وتنضج الخبرة في جيلنا وتزداد الهمّة من تلك الخبرة والعزيمة. فلكلّ زمان رجال يتواصلون مع من سبقهم؛ لينضجوا خبراتهم إلى من يلحق بهم.
نسأل الله عزّ وجلّ أن ينفع بجهد عالمنا الكبير الإمام الطبرانيّ رحمه الله، وأن ينفع بما قدّمناه في التحقيق والتدقيق والتعليق، وما حاولناه بالضّبط والتنسيق؛ لإخراج هذا الكتاب على أتمّ وجه وأبهى صورة.