للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ سعيد بن المسيّب «(ليظهركم)» بالظاء من أظهركم الله (١).وقرأ ابن محيصن «(رجز)» بضمّ الراء. وقرأ أبو العالية «(رجس الشّيطان)» بالسين، والعرب تعاقب بين السّين والزاي فتقول: بزق وبسق، والسّراط والزّراط.

قوله تعالى: {وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ؛} أي وليشدّ على قلوبكم بالصّبر، ويشجّعكم على القتال. وقيل: معناه: وليربط على قلوبكم بالصّبر والمطر. قوله تعالى: {وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ} (١١)؛أي ويثبت بالمطر الأقدام حتى لا تسوح في الرمل. وقيل: معناه: ويثبت بالبصيرة وقوّة القلب الأقدام؛ لأن الأقدام إنما تثبت في الحرب بقوّة القلب.

قوله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ؛} إذ يلهم ربّك الملائكة النازلين من السّماء {(إِنِّي مَعَكُمْ)} بالنصر للمسلمين، {فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا؛} بالتّنبيه والإخطار بالبال، ويقال: بشّروهم بالنصر، وقيل: أروهم أنفسكم مددا لهم فإذا عاينوكم ثبتوا. والوحي: إلقاء المعنى الى النّفس من وجه خفيّ.

وعن ابن عبّاس أنه قال: (سوّى أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صفوفهم، وقدّموا راياتهم فوضعوها مواضعها، فوقف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على بعير له يدعو الله ويستغيث، فهبط جبريل عليه السّلام في خمسمائة على ميمنتهم وميكائيل في خمسمائة على ميسرتهم، فكان الملك يأتي الرّجل من المسلمين على صورة رجل ويقول له: دنوت من عسكر المشركين فسمعتهم يقولون: والله لإن حملوا علينا لا نثبت لهم أبدا.

وألقى الله في قلوب الكفرة الرّعب بعد قيامهم للصّفّ، فقال عتبة بن ربيعة:

يا محمّد أخرج إلينا أكفّاءنا من قريش نقاتلهم. فقام إليهم بنو عفراء من الأنصار:

عوذ ومعوذ ومعاذا أمّهم عفراء وأبوهم الحارث، فمشوا إليهم فقالوا لهم: ارجعوا


(١) الوجه الأول: الإبل التي يحمل عليها ويركب، فكأنهم شربوا وسقوا إبلهم وما يركبون عليه. ولكثرة الماء تلبّدت الأرض بحيث تسوخ فيه الأقدام فثبتت، فجعلهم ظاهرين بثباتهم فيها.
وأما الوجه الثاني: فإن الثعلبي نقل قراءة سعيد بلفظ: (ليطهركم) وقال بطاء ساكنة من أطهره الله. والله أعلم بأي القراءتين قرأ سعيد وفسّر. وأثبت قول سعيد كما هو ظاهر عندي في المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>