للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غزاتهم، ويخبروهم بما نزل بعدهم من القرآن، لكي يحذروا كلّهم فلا يعملون شيئا بخلاف ما أنزل الله عزّ وجلّ.

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً؛} أي قاتلوا الأدنى فالأدنى من عدوّكم مثل بني قريظة والنضير وخيبر؛ أي ابدءوا بمن حولكم، ثم قاتلوا سائر الكفّار، لأن الاشتغال بقتال من بعدهم من المشركين مع ترك قتال من قرب لا يؤمن معه هجوم من قرب على ذراري المسلمين ونسائهم وبلادهم إذا خلت من المجاهدين، قوله تعالى: {(وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً)} أي ليكن منكم قول غليظ وشدّة عليهم في الوعد؛ كيلا يطمع فيكم أحد من أهل الكفر، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} (١٢٣)؛في النصر على عدوّهم.

قوله تعالى: {وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً؛} معناه: إذا ما أنزلت سورة من القرآن، فمن المنافقين من يقول: أيّكم زادته هذه السّورة إيمانا؟! إنّما كان بعضهم يقول لبعض على جهة الهزء. ويقال: كانوا يقولون للمستضعفين من المسلمين: أيّكم زادته هذه الآية يقينا وبصيرة؟ يقول الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً؛} وهم المخلصون من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زادتهم تصديقا مع تصديقهم، {وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (١٢٤)؛أي يفرحون بكلّ ما ينزل من القرآن.

قوله تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ؛} معناه: وأما الذين في قلوبهم شكّ ونفاق فزادتهم السورة شكّا إلى شكّهم وكفرا إلى كفرهم، لأنّهم كلما كفروا بسورة ازدادوا كفرا، والمؤمنون كلّما صدّقوا بسورة ازدادوا تصديقا. قوله تعالى: {وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ} (١٢٥)؛ إذ هم لشكّهم فيما أنزله الله من السورة إلى أن ماتوا على الكفر.

وإنما سمّى الله النفاق مرضا؛ لأن الحيرة في القلب مرض في القلب، كما أن الوجع في البدن مرض في البدن.

قوله تعالى: {أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} (١٢٦)؛معناه: أولا يرى المنافقون أنّهم

<<  <  ج: ص:  >  >>