قوله تعالى:{حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ؛} أي حريص على إيمانكم وهداكم أن تؤمنوا فتنجوا من العذاب وتفوزوا بالجنّة والثواب، والحرص: شدّة الطّلب للشيء مع الاجتهاد فيه. قوله تعالى:{بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ}(١٢٨)؛كلام مستأنف؛ أي وهو شديد الرحمة لجميع المؤمنين، رفيق لمن اتّبعه على دينه.
قوله تعالى:{فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}(١٢٩)؛أي فإن أعرضوا عنك وعن الإيمان بك، فقل الله تعالى حسبي لا إله إلاّ هو؛ أي لا ناصر ولا معين غيره، {(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ)} أي به ثقتي، وإليه فوّضت أمري.
قوله تعالى: {(رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)} أي خالق السّرير العظيم الذي هو أعظم من السّماوات والأرض، وإنّما خصّ العرش بذلك؛ لأنه إذا كان ربّ العرش العظيم مع عظمته، كان ربّ ما دونه في العظم. وقيل: إنما خصّ العرش؛ تشريفا للعرش وتعظيما لشأنه. وقرئ في الشواذ (العظيم) بالرفع على نعت الرب (١).
آخر تفسير سورة (براءة) والحمد لله رب العالمين.
(١) في جامع البيان: الحديث (١٣٥٨٧) بأسانيد؛ أخرج الطبري بسنده عن أبي بن كعب؛ قال: (آخر آية نزلت من القرآن: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ ... إلى آخر الآية، فقال: أحدث القرآن عهدا بالله الآيتان لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ... إلى آخر السورة).