للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ} (١٥)؛في الآية وجهان:

أحدهما: أنّ المراد بالآية إذا أتى بالأعمال التي تكون حسنة في العقل مثل صلة الرّحم والتصدّق وإعانة المظلوم، فإن الله يجازيه على هذه الأعمال في الدّنيا بأن يمكّنه مما حوله ويعطيه ما يسعى لطلبه وافرا عليه ويقرّ عينه بذلك.

والثاني: أنّ المراد بها المنافق إذا خرج للغزو مع المسلمين وهو يريد الغنيمة دون الثواب ونصرة الدّين، يجزيه الله على غزوه بأن أمر بإعطائه سهمه من الغنيمة لا يبخس عنه شيء من سهمه.

قوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ النّارُ؛} معناه: إنّ الذين عملوا لغير الله من الكفار والمنافقين ليس لهم في الآخرة إلا النار، {وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها؛} من الأعمال الحسنة؛ لأنّهم لم يروا لها ثوابا، {وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} (١٦)؛من خير.

قوله تعالى: {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ؛} اختصار معناه: أفمن كان على بيّنة من ربه، ويتلوه شاهد منه كالذي يريد الحياة الدّنيا وزينتها، وأراد بالبيّنة البرهان الذي هو من الله، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على برهان وحجّة من ربه، ويقرأ عليه القرآن شاهد من الله وهو جبريل عليه السّلام، هكذا قال أكثر المفسّرين أنّ المراد بقوله: أفمن كان على بيّنة من ربه هو النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

قوله تعالى: {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً؛} أي ومن قبل القرآن كان جبريل يقرأ على موسى التوراة إماما يقتدى به، ونعمة من الله لمن آمن به، و (إماما) بالنصب على الحال، (ورحمة) أي ذا رحمة، وقيل: أراد بقوله {(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ)} جميع المؤمنين، وأراد بالشّاهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. قوله تعالى: {أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ؛} يعني أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ومن صدّقه.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ؛} أي من يكفر بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أصناف الكفّار واليهود والنصارى وغيرهم، فالنار مصيره التي

<<  <  ج: ص:  >  >>