للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاحتراز عنه كما قال صلّى الله عليه وسلّم: [القلب يحزن والعين تدمع] (١).

قوله تعالى: {فَهُوَ كَظِيمٌ} (٨٤)؛أي ممسك للحزن يتردّد حزنه في جوفه، وقال عطاء: (الكظيم الحزين)،وقال الضحّاك: (كميد)،وقال ابن عبّاس:

(مهموم) قال مقاتل: (لم يبصر بعينين ستّ سنين حتّى كشفه الله بقميص يوسف) (٢)،قيل: بلغ من حزن يعقوب حزن سبعين ثكلى (٣).

قوله تعالى: {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ} (٨٥)؛أي قال أولاد يعقوب: والله لا تزال تذكر يوسف حتى تكون دنفا (٤) أو تموت، والحرض الذائب البالي. وعن الحسن: (حتّى تكون حرضا) بضمّتين، أراد كالأشنان الموقوف. وقال الربيع: (الحرض يابس الجلد على العظم).وقيل: هو الضّعيف الذي لا حراك به.

وإنما أضمر (لا) في قوله {(تَفْتَؤُا)} لأنّ العرب تقول: والله تدخل هذا الدار، تريد بذلك نفي الدخول، فإذا أرادت للإثبات قالت: لتدخلنّ.

قوله تعالى: {قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ؛} أي قال يعقوب: إنّما أشكو غمّي وحزني إلى الله. والبثّ: هو تفريق الحزن الذي لا يكاد يصبر عنه صاحبه حتى يبثّه.

وروي أنّ رجلا قال ليعقوب عليه السّلام: ما الذي أذهب بصرك؟ قال: حزني على يوسف، قال: فما الذي قوّس ظهرك؟ قال: حزني على أخيه. فأوحى الله إليه: يا


(١) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب الجنائز: باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم [إنّا بك لمحزونون]:الحديث (١٣٠٣).ومسلم في الصحيح: كتاب الفضائل: باب رحمته صلّى الله عليه وسلّم بالصبيان: الحديث (٢٣١٥/ ٦٢).
(٢) في تفسير مقاتل بن سليمان: ج ٢ ص ١٦١ ذكره مختصرا.
(٣) نقله الطبري في جامع البيان: الأثر (١٥٠٥٥) عن عبيد الله بن أبي جعفر.
(٤) الدنف: الشيء البالي التالف. وفي إعراب القرآن: ج ٢ ص ٢١٣؛ قال النحاس: (حرض: إذا بلي وسقم).وفي الجامع لأحكام القرآن: ج ٩ ص ٢٥١؛ قال القرطبي: (وأصل الحرض: الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق، أو الهرم).

<<  <  ج: ص:  >  >>