للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ؛} أي يجمعهم للجزاء والحساب، {إِنَّهُ حَكِيمٌ؛} في أفعاله، {عَلِيمٌ} (٢٥)؛بما يستحقّه كلّ واحد منهم.

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (٢٦)؛ يعني آدم، والصّلصال: هو الطّين اليابس الذي لم تصبه نار، فإذا ضربته صلّ؛ أي صوّت، وإذا مسّه النار فهو فخّار. والحمأ: جمع الحمأة، وهو الطّين المتغيّر إلى السّواد. والمسنون: متغيّر الرّائحة إلى النّتن من قوله {لَمْ يَتَسَنَّهْ} (١) وهو الذي أتت عليه السّنون.

وذلك أن آدم كان في الأصل ترابا ثم عجن ذلك التراب بالماء فصار طينا، ثم صار حمأ مسنونا ثم صوّر، وترك مصوّرا حتى يبس فصار صلصالا، فمكث أربعين سنة ثم صار بشرا، لحما ودما وعظما، ثم نفخ فيه الروح.

قوله تعالى: {وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ} (٢٧)؛قيل: إن الجانّ أبو الجنّ وهو إبليس، فمن أسلم من ولده فهو جنّيّ، ومن كفر فهو شيطان، وقوله تعالى: {(مِنْ قَبْلُ)} أي من قبل آدم، وقال الكلبيّ: (الجنّ ولد الجنّ وليس هو بإبليس، إنّما إبليس أبو الشّياطين).

قوله تعالى: {(مِنْ نارِ السَّمُومِ)} أي من نار حارّة، قال ابن مسعود: (سمومكم هذه جزء من سبعين جزءا من السّموم الّذي خلق منه الجانّ) (٢)،ويقال: السّموم نار صافية لا دخان لها، ومن هذا سمّيت الريح المحرقة الحارّة سموما. وأما المارج الذي ذكره الله تعالى في قوله {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ} (٣) فمعنى المارج ما اختلط من لهب النار.

قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} (٢٨)؛قد تقدّم تفسيره،

{فَإِذا سَوَّيْتُهُ؛} أي جمعت خلقه باليدين


(١) البقرة ٢٥٩/.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٦٠٠٠).وابن أبي حاتم في التفسير: الأثر (١٢٣٨٢)
(٣) الرحمن ١٥/.

<<  <  ج: ص:  >  >>