للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتميّل ظلاله عن اليمين والشّمائل، إذا طلعت الشمس وإذا غربت، {سُجَّداً لِلّهِ؛} أي ميلانها أو دورانها من موضع إلى موضع سجودها، فيسجد الظلّ غدوة إلى أن يفيء الظلّ، ثم يسجد أيضا إلى الليل. وفي هذا دليل توحيد الله تعالى، قال الحسن: (أمّا ظلّك فيسجد لله، وأمّا أنت فلا تسجد).قوله: {وَهُمْ داخِرُونَ} (٤٨) أي صاغرون ذليلون.

قوله تعالى: {وَلِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ؛} أي ما دبّ على الأرض، {وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (٤٩)؛أي ويخضع الملائكة وهم لا يتعظّمون عن الخضوع له،

{يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ؛} أي يخافون عقاب ربهم من فوقهم. وقيل: يخافون ربّهم خوف المقهور من القاهر، فذكر لفظ فوق على هذا المعنى.

وقوله تعالى: {وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ} (٥٠)؛يعني الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم. وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [إنّ لله ملائكة في السّماء السّابعة سجودا منذ خلقهم الله إلى يوم القيامة، ترعد فرائصهم من مخافة الله، وتجري دموعهم وتضطرب أجنحتهم، لا تقطر من دموعهم قطرة إلاّ صارت ملكا قائما، فإذا كان يوم القيامة رفعوا رءوسهم وقالوا: سبحانك ما عبدناك حقّ عبادتك] (١).

وعن ابن عبّاس أنه قال في هذه الآية: (من سجد هذه السّجدة إيمانا وتصديقا، أعطاه الله بعدد الملائكة والشّمس والقمر والنّجوم، وقطر المطر ونبات الأرض وترابها ورملها ومدرها، وبعدد ما دبّ على وجه الأرض حسنة حسنة).

وقوله تعالى: {*وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ؛} يجوز أن يكون قوله {(اثْنَيْنِ)} تأكيدا لما سبق، ويجوز أن يكون المعنى: لا تتّخذوا اثنين إلهين إنما الله إله واحد، {فَإِيّايَ فَارْهَبُونِ} (٥١)؛أي فاخشون ولا تخشوا أحدا غيري،

{وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ؛} ظاهر المعنى.


(١) في كنز العمال: الرقم (٢٩٨٣٧)؛ذكره الهندي وعزاه إلى الديلمي عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>