للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْمُجْرِمُونَ النّارَ فَظَنُّوا} (١) وقال {سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً} (٢) وقال {دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً} (٣).ويقال: إنه لم يرد بالحشر في هذه الآية الحشر عن القبر، وإنما أراد به الحشر عن موضع المحاسبة، فإنّهم يسحبون عن ذلك الموضع على وجوههم على هذه الصّفات. وعن أنس: أنّ رجلا قال: يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ فقال: [إنّ الّذي أمشاه على رجليه قادر على أن يمشيه على وجهه] (٤).

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [يحشر النّاس يوم القيامة على ثلاثة أصناف: صنف مشاة، وصنف ركبان، وصنف على وجوههم] قيل: يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: [إنّ الّذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، يتّقون بوجوههم كلّ حدب وشوك] (٥).

قوله تعالى: {مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ؛} أي مصيرهم إليها. وقوله تعالى:

{كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً} (٩٧)؛أي كلّما سكن لهبها من جانب زدناها اشتعالا من جانب آخر، يقال للنار اذا سكن لهبها: خمدت، فإذا أطفئت ولم يبق فيها شيء من النار قيل: همدت، وقال ابن عبّاس: (معنى قوله تعالى {(خَبَتْ)} أي سكنت) (٦)،وقال مجاهد: (طفئت)،وقال قتادة: (لانت وضعفت)،وقوله تعالى:

{(زِدْناهُمْ سَعِيراً)} أي وقودا.

ثم بيّن الله تعالى لماذا يزدادون سعيرا،

فقال تعالى: {ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا؛} أي ذلك العذاب جزاء كفرهم بدلائلنا، وإنكارهم للبعث، وهو قولهم: {وَقالُوا أَإِذا كُنّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} (٩٨).


(١) الكهف ٥٣/.
(٢) الفرقان ١٢/.
(٣) الفرقان ١٣/.
(٤) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب التفسير: سورة الفرقان: الحديث (٤٧٦٠)،وطرقه في الحديث (٦٥٢٣).ومسلم في الصحيح: كتاب صفات المنافقين: باب يحشر الكافر على وجهه: الحديث (٢٨٠٦/ ٥٤).
(٥) أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح: أبواب التفسير: الحديث (٣١٤٢)؛وقال: (حديث حسن) وفيه علي بن زيد بن جدعان؛ ضعيف.
(٦) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧١٣٦) و (١٧١٤٠) عن الضحاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>