أي أمرنا موسى وقومه بالخروج من مصر، فتبعه فرعون وقومه، فجعلنا في الماء طريقا يابسا، فجاوز موسى وقومه البحر، فتبعهم فرعون وقومه، فأطبقنا الماء عليهم حتى غرقوا كلّهم.
قوله تعالى:{وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ؛} من بعد هلاك فرعون، {لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ؛} الشّام وأرض مصر، وأورث بني إسرائيل مساكنهم وديارهم، وفي هذا تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه يفعل به وبالمشركين ما فعل بموسى وعدوّه، فأظهر الله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على المشركين، وردّه إلى مكّة ظافرا عليها.
قوله تعالى:{فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً}(١٠٤)؛يعني يوم القيامة جئنا بكم جميعا؛ أي أتينا بكم من كلّ قبيلة، واللّفيف: الجماعات من قبائل شتّى، وقيل: جئنا بكم مختلطين لا تتعارفون، والمعنى: جئنا بكم من قبوركم إلى المحشر أخلاطا، يعني جميع الخلق، المسلم والكافر والبرّ والفاجر.
قوله تعالى:{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ؛} يعني القرآن، ويجوز أن تكون الهاء كناية عن جبريل، فإن الله أنزله بالقرآن، ونزل هو به. قوله تعالى:{وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً}(١٠٥)؛أي بشيرا لمن أطاع بالجنّة، ومخوّفا بالنّذر للكفار.
قوله تعالى:{وَقُرْآناً فَرَقْناهُ؛} معناه: وأنزلنا قرآنا فرّقناه شيئا بعد شيء، فإنه كان ينزل منه شيء، ثم يمكثون ما شاء الله، ثم ينزل منه شيء آخر، وكان بين أوّله وآخره عشرون سنة. وقوله تعالى:{لِتَقْرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكْثٍ؛} أي على تثبّت وتوقّف ليفهموه بالتأمّل، ويعملوا ما فيه بالتفكّر، وهو معنى قوله تعالى {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}(١).قوله تعالى:{وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً}(١٠٦)؛تأكيدا لأنزلناه مرّة بعد مرة لعظم شأنه.