للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال قتادة: (شكا ذهاب أضراسه)،والوهن في اللغة: نقصان القوّة، {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً؛} يقول: شخت وضعفت، ومن الموت قربت.

والاشتعال: انتشار شعاع النّار، واشتعاله في الشّيب من أحسن الاستعارة؛ لأنه ينتشر في الرأس، كما ينتشر شعاع النار. قوله تعالى: {(شَيْباً)} نصب على المصدر، وهذا يدلّ على أن أفضل الدّعاء دعاء السرّ، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: [خير الدّعاء الخفيّ، وأفضل الرّزق ما يكفي] (١).

قوله تعالى: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (٤)؛أي كنت تجيبني إذا دعوتك، وقد عوّدتني الإجابة في ما مضى فلم لا تجيبني.

قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي؛} أي خفت العصبة وبني العمّ أن يرثوا علمي دون من كان من نسلي، ويقال: خفتهم على الدّين من ورائي؛ لأنّهم كانوا من أشرار بني إسرائيل. قرأ يحيى بن يعمر: «(خفّت)» بفتح الخاء وتشديد الفاء، و «(الموالي)» بسكون الياء، يعني ذهبت الموالي.

وقلت: وقوله تعالى: {(مِنْ وَرائِي)} أي بعد موتي. قوله تعالى: {وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً؛} أي عقيما من الولد، والرجل العاقر: الذي لا يولد له. وامرأته هي أخت أمّ مريم بنت عمران بن ماثان.

قوله تعالى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} (٥)؛أي أعطني من عندك ولدا،

{يَرِثُنِي،} يرث نبوّتي ومكاني {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ؛} العلم والنبوّة، أراد بذلك يعقوب بن ماثان وهم أخوال يحيى، وبنو ماثان كانوا رؤساء بني إسرائيل، وليس يعقوب هذا أبو يوسف. قرأ أبو عمرو والكسائي: «(يرثني ويرث)»


(١) الحديث عن سعد بن أبي وقاص؛ أخرجه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ١٧٢ و ١٧٨ و ١٨٠. وابن حبان في موارد الضمآن: كتاب الرقائق: باب الذكر: الحديث (٢٣٢٣)؛بلفظ: [خير الذّكر الخفيّ، وخير الرّزق ما يكفي].وإسناده ضعيف؛ فيه محمّد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة. في مجمع الزوائد: ج ١٠ ص ٨١؛قال الهيثمي: (رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه محمّد بن عبد الرحمن وقد وثقه ابن حبان، قلت: وضعفه ابن معين، وبقية رجاله رجال الصحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>