للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ} (١)؛يعني علّمني التوراة والزبور. وقال مقاتل: (علّمه الله الإنجيل في بطن أمّه) {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (٣٠)؛أي حكم لي بالنبوّة في ما مضى.

قوله تعالى: {وَجَعَلَنِي مُبارَكاً؛} أي معلّما للخير، نفّاعا {أَيْنَ ما كُنْتُ؛} حيثما كنت أدعو إلى الله تعالى، وإلى توحيده وعبادته، {وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ؛} أي أمرني بإقامة الصّلاة وإيتاء الزكاة، {ما دُمْتُ حَيًّا} (٣١).

قوله تعالى: {وَبَرًّا بِوالِدَتِي؛} أي وجعلني برّا بوالدتي. قال ابن عبّاس:

(لمّا قال عيسى عليه السّلام: بوالدتي، علموا أنّه شيء من الله تعالى)، {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيًّا} (٣٢)؛أي متعظّما، أقتل وأضرب على الغضب، ولا شقيّا عاصيا لربه.

قوله تعالى: {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (٣٣) معناه: والسّلام عليّ يوم ولدت حتى لم يضرّني شيطان، ويوم أموت ويوم أبعث حيّا من القبر.

وفي هذا دليل على أنّ للإنسان أن يصف نفسه بصفاء الخير إذا أراد تعريفها إلى غيره، ولم يرد الافتخار، وهو مثل قول يوسف عليه السّلام للملك {اِجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (٢).قال ابن عبّاس: (إنّما كلّمهم عيسى عليه السّلام بهذا الكلام لا غيره، ثمّ سكت ولم يتكلّم حتّى بلغ مقدار مدّة ما يتكلّم الصّبيان) (٣).

قوله تعالى: {ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ؛} أي ذلك الذي قال إنّي عبد الله عيسى بن مريم قول الحقّ، من قرأ بنصب {(قَوْلَ)} فالمعنى: قول الحقّ، ومن رفعه فالمعنى: هو قول الحقّ، أو كلمة الحقّ، والحقّ هو الحقّ تعالى. ومعنى قراءة


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٨٥٩).
(٢) يوسف ٥٥/.
(٣) في الدر المنثور: ج ٩ ص ٥٠٩ - ٥١٠؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن عساكر عن طريق مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>