لإدريس شرف القرب من آدم، وكان إبراهيم من ذريّة نوح، وكان إسماعيل واسحاق من ذريّة إبراهيم، وكان موسى وهارون وزكريّا ويحيى وعيسى من ذريّة إسرائيل، فقوله: {(مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ)} يعني إدريس ونوح، {وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ؛} في السفينة يعني إبراهيم؛ لأنه من ولد سام بن نوح، {وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ؛} يعني إسماعيل وإسحاق ويعقوب، وقوله:{وَإِسْرائِيلَ؛} يعني أنّ من ذريّة إسرائيل: موسى وهارون ومن ذكرناه.
قوله تعالى:{وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا؛} أي هؤلاء كانوا ممّن أرشدنا واصطفينا لأداء الرّسالة، {إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ؛} التي أنزلت عليهم، {خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا}(٥٨)؛أي وقعوا يسجدون لله تعالى، ويبكون من مخافة الله، والسّجّد: جمع ساجد، والبكيّ جمع باك.
قوله تعالى:{*فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ؛} أي فخلف من بعد هؤلاء الأنبياء المذكورين والصالحين {(فَخَلَفَ)} أي قوم سوء وهم اليهود والنصارى ومن لحق بهم. يقال في الرداءة: خلف بإسكان اللام، وفي الصّلاح:
خلف بفتح اللام.
وقوله تعالى: {(أَضاعُوا الصَّلاةَ)} أي أخّروها عن مواقيتها لغير عذر، وقيل:
تركوها أصلا. وقوله تعالى: {(وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ)} يعني المعاصي وشرب الخمر، واشتغلوا بالملذات في ما حرّم عليهم، وآثروها على طاعة الله تعالى. قال وهب:
قوله تعالى:{فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}(٥٩)؛قال ابن مسعود وعطاء:(هو واد في جهنّم بعيد القعر)(١)،قال ابن عبّاس: (الغيّ واد في جهنّم تستعيذ أودية جهنّم
(١) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٥٢٧؛ قال السيوطي: (أخرجه الفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، والبيهقي في البعث من طرق).