للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله تعالى أنّ لهم في الجنّة رزقهم بكرة وعشيّا على قدر ذلك الوقت) (١)؛أي يجمع لهم الطعام في هذين الوقتين كما يكون في الدّنيا، ويأكلون فيما عدا هذين الوقتين ما يشتهون كما في الدّنيا.

قوله تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا} (٦٣)؛أي هذه الجنة التي وصفها الله تعالى هي التي نورث من اتّقى معصية الله، وعمل بالطاعة والإيمان. قوله تعالى: {(نُورِثُ)} أي نعطي، وإنّما قال {(نُورِثُ)}؛لأن الله تعالى أورثهم من الجنة مساكن أهل النار لو اطّلعوا (٢).وقيل: لأنه تمليك في حال مبتدأ بعد انقضاء أجل الدّنيا.

قوله تعالى: {وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ؛} وذلك أن جبريل عليه السّلام أبطأ على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالوحي، فلمّا أتاه قال له: [ما زرتنا حتّى استبطأناك].وقيل: قال له: [ما يمنعك يا جبريل أن تزورنا أكثر ممّا تزورنا].فأنزل الله عذر جبريل (٣)،والمعنى: قل له وما نتنزّل من السّماء إلاّ بأمر ربك. وقيل: استبطأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جبريل، ثمّ جاءه فقال له: [يا جبريل أبطأت عليّ حتّى ساء ظنّي فاشتقت إليك] فقال له: إنّي كنت إليك أشوق، ولكنّي عبد مأمور، إذا بعثت نزلت، وإذا حبست احتبست. فأنزل الله هذه الآية {(وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ)} (٤).

قوله تعالى: {لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ؛} أي له ما بين أيدينا من أمر الدّنيا وما خلفنا من الآخرة، وما بين ذلك؛ يعني: ما بين النّفختين وبينهما


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٧٩٤٢).
(٢) في معالم التنزيل: ص ٨٠٧؛ قال البغوي: (يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا).
(٣) أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب تفسير القرآن: باب وَما نَتَنَزَّلُ إِلاّ بِأَمْرِ رَبِّكَ: الحديث (٤٧٣١).
(٤) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٥٣٠؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه عن أنس ... ) وساق الحديث بلفظ قريب منه، وقال: (أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة ... وذكره. وقال: أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي. وجمع الطبراني الألفاظ للأسانيد الثلاثة).

<<  <  ج: ص:  >  >>