تزعجهم إلى معصية الله تعالى إزعاجا، وتغريهم إغراء. وقال القتيبيّ:(تحرّكهم إلى المعاصي).وأصله الحركة والغليان، ومنه الحديث المرويّ:[ولجوفه أزيز كأزيز المرجل](١).
قوله تعالى:{فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ؛} أي لا تعجل بمسألة إهلاكهم، {إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}(٨٤)؛أي نعدّ أنفاسهم نفسا بعد نفس، كما نعدّ أيّامهم وآجالهم.
قوله تعالى:{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً}(٨٥)؛أي اذكر لهم يا محمّد اليوم الذي نجمع فيه من اتّقى الله في الدّنيا؛ أي اجتنب الكبائر والفواحش إلى دار الرّحمن؛ وهي موضع الكرامة والثواب. قوله تعالى: {(وَفْداً)} أي ركبانا، قال ابن عبّاس:(يؤتون بنوق لم تر الخلائق مثلها، عليها رحال الذهب وأزمّتها الزّبرجد، فيركبون عليها حتّى يقربوا أبواب الجنّة)،وإنّما وحّد الوفد لأنه مصدر.
قوله تعالى:{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ؛} أي يحثّهم على السير إلى جهنم، وقوله تعالى:{وِرْداً}(٨٦)؛أي عطاشى مشاة حفاة عراة قد تقطّعت أعناقهم من العطش، والورد: الجماعة التي ترد الماء، ولا يرد أحد الماء إلاّ بعد العطش.
قوله تعالى:{لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ؛} أي لا يقدرون على الشفاعة، {إِلاّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً}(٨٧)؛أي لكن من اتّخذ عند الرحمن عهدا وهم المؤمنون، فإنّهم يملكون الشفاعة. قال ابن عبّاس:(شهادة أن لا إله إلاّ الله).و {(مَنِ)} في موضع نصب على الاستثناء المنقطع. قال ابن عبّاس:(لا يشفع إلاّ من قال: لا إله إلاّ الله، وتبرّأ من الحول والقوّة إليه، ولا يرجو إلاّ الله عزّ وجلّ).
وعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول ذات يوم: [أيعجز أحدكم أن يتّخذ كلّ صباح ومساء عند الله عهدا؟!] قالوا: كيف؟ قال: يقول: [اللهمّ فاطر السّماوات والأرض، عالم الغيب والشّهادة، إنّي أعهد إليك في هذه الدّنيا بأنّي أشهد أن لا إله إلاّ أنت وحدك لا شريك لك، وأنّ محمّدا عبدك ورسولك، وأنّك إن تكلني
(١) أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (٩٠٤).والنسائي في السنن: كتاب السهو: باب البكاء في الصلاة: ج ٣ ص ١٣ وتقدم تخريجه وإسناده حسن.