قوله تعالى:{إِنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها؛} قال ابن عبّاس: (معناه:
أنّ القيامة كائنة أكاد أخفيها عن نفسي، فكيف أظهرها لغيري)،قال المبرّد:(هذا على عادة مخاطبة العرب؛ يقولون إذا بالغوا في كتمان السّرّ: كتمته من نفسي؛ أي لم أطلع عليه أحدا).
والمعنى: أنّ الله تعالى بالغ في إخفاء السّاعة، فذكره بأبلغ ما تعرف العرب. قال قتادة:(هي في بعض القراءة: أكاد أخفيها من نفسي، ولعمري لقد أخفاها الله عن الملائكة المقرّبين والأنبياء والمرسلين، وفي مصحف أبيّ وعبد الله: أكاد أخفيها من نفسي، فكيف يعلمها مخلوق؟).
ومعنى الآية: أكاد أخفيها عن عبادي؛ كي لا تأتيهم إلاّ بغتة، والفائدة في إخفائها عن العباد: التهويل والتخويف، وفي ذلك مصلحة لهم؛ لأنّهم إذا لم يعلموا متى قيامها كانوا على حذر منها في كلّ وقت، خائفين من الموت، مستعدّين لذلك بالتوبة والطاعة.
قوله تعالى:{لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى}(١٥)؛أي بسعيها، إما الثواب وإما العقاب. وقرأ الحسن وابن جبير: «(أكاد أخفيها)» بفتح الهمزة؛ أي أظهرها وأبرزها، يقال: خفيت الشّيء إذا أظهرته، وأخفيته إذا سترته (١).
قوله تعالى:{فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْها مَنْ لا يُؤْمِنُ بِها؛} أي فلا يصرفنّك عن الإيمان بالسّاعة من لا يصدّق بها، {وَاتَّبَعَ هَواهُ} بالإنكار {فَتَرْدى}(١٦)؛ أي فتهلك، وهو خطاب لموسى عليه السّلام، ونهي لسائر المكلّفين. والصّدّ: هو الصّرف عن الخير، يقال: صدّه عن الخير، وصدّه عن الإيمان، ولا يقال: صدّه عن الشّرّ، ولكن يقال: صرفه عن الشرّ ومنعه عنه.
قوله تعالى:{وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى}(١٧)؛أي وما التي بيمينك يا موسى؟
{قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها} أي أعتمد عليها إذا أعييت، وإذا