للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ} (١٠٦)؛أي إنّ في هذا القرآن بلاغا للكفاية، والمعنى: أن من اتبع القرآن وعمل به كان بلاغه في الجنّة، وقوله تعالى {(لِقَوْمٍ عابِدِينَ)قال كعب: (هم أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم الّذين يصلّون الصّلوات الخمس، ويصومون شهر رمضان) (١).وروي: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ {(إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ)ثمّ قال: [هي الصّلوات الخمس في الجماعة في المسجد الحرام] (٢).

قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} (١٠٧)؛معناه: وما أرسلناك يا محمّد إلاّ نعمة للعالمين. قال ابن زيد: (يعني للمؤمنين خاصّة)،وقال ابن عبّاس: (هو عامّ، فمن آمن به كتب له من الرّحمة في الدّنيا والآخرة، ومن لم يؤمن عوفي ممّا أصاب الأمم من المسخ والخسف والغرق) (٣).والمعنى: أنه كان إذا أرسل نبيّ من الأنبياء؛ فإن آمن به قومه وإلاّ عذّبوا، وأرسل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فكان كلّ من كفر به يؤخّر إلى يوم القيامة فهو نعمة على الكافر إذ عوفي مما أصاب الأمم من المسخ.

قوله تعالى: {قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ؛} أي قل لهم يا محمّد: إنّما يوحى إليّ في القرآن؛ {أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ} وهو الله لا شريك له؛ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (١٠٨) يا أهل مكّة مسلمون مخلصون له بالعبادة والتوحيد.

قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا؛} أي فإن أعرضوا عن قبول قولك، {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ؛} أي أعلمتكم بالوحي من الله على سواء في الإعلام؛ أي لم أظهر بعضكم على شيء كتمته عن غيره. وقيل: على سواء في العلم، إنّي حرب لكم لا صلح بيننا، وإنّي مخالف لدينكم فتأهّبوا لما يراد بكم؛ إذ ليس العناد من أخلاق الأنبياء صلوات الله عليهم.


(١) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٨١٥).
(٢) في الدر المنثور: ج ٥ ص ٦٨٧؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن مردويه).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٨٨٢٠).وفي الدر المنثور: ج ٥ ص ٦٨٧؛ قال السيوطي: (أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل).

<<  <  ج: ص:  >  >>