(لبئس المولى ولبئس العشير)،ويكون المعنى الذي هو الضلال البعيد يدعوه، فهذا حدّ الكلام وما بعده كلام مستأنف. وقيل: هذه اللام صلة؛ أي يدعو من ضرّه أقرب من نفعه (١).
قوله تعالى:{إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ؛} ظاهر المعنى، {إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ}(١٤)؛بأوليائه وأهل طاعته من الكرامة، وبأهل معصيته من الهوان.
قوله تعالى:{مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ؛} الآية، معناه: من كان يظنّ أن لن ينصر الله محمّدا صلّى الله عليه وسلّم فليطلب سببا يصل به إلى السماء، {ثُمَّ لْيَقْطَعْ؛} نصرة الله لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم، {فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ؛} أي يتهيّأ له الوصول إلى السّماء بحيلة، فكما لا يمكنه أن يحتال في الوصول إلى السّماء، كذا لا يمكنه الحيلة في قطع نصر الله تعالى للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وقيل: معناه: من كان يظنّ أن لن ينصر الله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتى يظهر على الدّين، فليمت غيظا. وقيل: إن الهاء راجعة إلى (من كان يظنّ) كأنه قال: من كان يظنّ أن لن يرزقه الله فليمدد بحبل إلى سقف بيته وأضفى ذلك على حلقه مخنقا نفسه ليذهب غيظ نفسه.
وهذا مثل ضرب لهذا الجاهل؛ أي مثل هذا الذي يظنّ أن لن يرزقه الله على سبيل السّخط مثل من فعل هذا الفعل بنفسه، هل كان ذلك إلا زائدا في ثلاثة؟ وهل تذهب حقيقة نفسه غيظه في رزقه؟ وإنّما ذكر النّصرة بمعنى الرّزق؛ لأن العرب تقول: من ينصرني نصره الله؛ أي من يعطيني أعطاه الله. قوله تعالى:{ما يَغِيظُ}(١٥)؛ (ما) بمعنى المصدر؛ أي هل يذهبنّ كيده وحيلته غيظه.
قوله تعالى:{وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ؛} أي وكذلك أنزلنا القرآن على محمّد صلّى الله عليه وسلّم دلالات واضحات، {وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي؛} إلى النبوّة، {مَنْ يُرِيدُ}(١٦)؛وقيل: يهدي إلى الدّين وإلى الثواب.