للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {(لَهُدِّمَتْ)} الهدم هو نقض البناء. قرأ أهل الحجاز {(لَهُدِّمَتْ)} بالتخفيف. فإن قيل: لم قدّم مصلّيات الكافرين على مساجد المؤمنين؟ قيل: لأنّها أقدم، وقيل: لقربها من الهدم، وقرب المساجد من الذّكر، كما خرّج السّابق في قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ} إلى قوله تعالى: {بِالْخَيْراتِ} (١).

قوله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ؛} أي لينصرنّ الله تعالى من ينصر دينه، {إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٤٠)؛أي لقويّ على أخذ الأعداء، عزيز أي ممتنع بالنعمة منهم.

قوله تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ؛} نعت للذين ينصرون بدين الله؛ أي هم الذين إن مكّنهم الله في الأرض ينصرهم الله في عدوّهم حتى يمكّنوا في البلاد، لم يعملوا ما عمله الذين من قبلهم، ولكن أقاموا الصلاة المكتوبة، {وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ،} وأعطوا الزكاة المفروضة، وأمروا بالحقّ ونهوا عن الباطل. قال مقاتل: (هم أصحاب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم) (٢)،وقال الحسن: (هم هذه الأمّة أهل الصّلوات الخمس).وقوله تعالى:

{وَلِلّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ} (٤١)؛بطل كلّ ملك سوى ملكه، فتصير الأمور كلها إليه بلا منازع ولا مدّع.

قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ (٤٢) وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (٤٣) وَأَصْحابُ مَدْيَنَ؛} في هذه الآية تسلية للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمعنى: إن يكذّبوك-قومك-فقد كذبت الأمم أنبياءهم من قبلك، وقوله: {وَكُذِّبَ مُوسى؛} أي كذبه فرعون، {فَأَمْلَيْتُ لِلْكافِرِينَ؛} أي أمهلتهم، وأخّرت عقوبتهم، {ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ؛} بالعقوبة، {فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ} (٤٤)؛أي فكيف كان إنكاري عليهم حتى بيدوا أو خرّبت قراهم، فأبدلتهم بالنعمة نقمة؛ وبالكثرة قلّة؛ وبالحياة هلاكا. قال الزجّاج: (معناه: فأنكرت أبلغ الإنكار).


(١) فاطر ٣٢/.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير: ص ٢٤٩٨: النص (١٣٩٧٧) عن أبي العالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>