قال السديّ:(التّصديق أنّه الحقّ) أي إنّ نسخ ذلك وإبطاله حقّ من الله، {فَيُؤْمِنُوا بِهِ؛} وتصديق النّسخ، {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ؛} أي ترقّ قلوبهم للقرآن فينقادوا لأحكامه، بخلاف المشركين الذين قيل: لهم (والقاسية قلوبهم).
قوله تعالى:{وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}(٥٤)؛ فيه بيان أن هذا الإيمان والإخبات إنّما هو بلطف الله وهدايته إياهم، والمعنى: وإنّ الله لهاديهم إلى دين يرضاه.
قوله تعالى:{وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ؛} أي في شكّ من القرآن، {حَتّى تَأْتِيَهُمُ السّاعَةُ بَغْتَةً؛} يعني ساعة موتهم، {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}(٥٥)؛يعني يوم بدر في قول ابن عباس وقتادة ومجاهد (١)،سمّاه الله العقيم الذي لا يأتي بخير. وقيل: يوم القيامة سمّاه الله عقيما لأنه لا مثال له في عظم أمره.
قوله تعالى:{الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ؛} أي الملك يوم القيامة لله تعالى من غير منازع ولا مدّع، لا يظهر الأمر فيه إلاّ لله تعالى، {فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ (٥٦) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ} (٥٧)؛فيقضي فيه بين المؤمنين والكافرين بإدخال المؤمنين الجنّة، وإدخال الكافرين النار.
قوله:{وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً؛} معناه: والذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوطانهم في طاعة الله من مكّة إلى المدينة، ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنّهم الله رزقا حسنا وهو نعيم الجنة، {وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ}(٥٨).
قوله تعالى:{لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ؛} يعني به المنازل التي أعدّها الله لهم في الجنّة، لهم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، خالدين فيها لا يبغون