للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الحديث: أنّ حارثة بن سراقة قتل يوم بدر، فقالت أمّه: يا رسول الله إن كان ابني من أهل الجنّة لم ابك عليه، وإن كان من أهل النّار بالغت في البكاء عليه، فقال: [يا أمّ حارثة! إنّ ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى من الجنّة] (١).

وعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: [لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهنّ دخل الجنّة] ثمّ قرأ {(قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)} إلى آخر الآيات العشر (٢).وقال مجاهد: (من حفظ العشر من سورة المؤمنين ورث الفردوس).قال ابن عبّاس: (الفردوس خير الجنان)،وقال صلّى الله عليه وسلّم: [إنّ الله غرس الفردوس بيده، ثمّ قال: وعزّتي وجلالي؛ لا يدخلها مدمن خمر وديّوث] قالوا: ما الدّيّوث يا رسول الله؟ قال: [الّذي يرضى الفواحش لأهله] (٣).

قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ} (١٢)؛أي خلقنا آدم من سلالة سلّت من طين، والسّلالة: ما سلّ من الشيء؛ أي نزع واستخرج منه، يقال للنّطفة: سلالة، والولد سليل وسلالة. قال مجاهد: (السّلالة منيّ بني آدم) (٤)،وقال عكرمة: (هو الماء سلّ من الظّهر سلاّ)،والمراد بالانسان ولد آدم، وهو اسم جنس يقع على الجميع. والمعنى: خلقنا ابن آدم من سلالة من طين؛ أي من صفوة ماء آدم الذي هو من طين (٥).

قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ} (١٣)؛ثم خلقنا ولد آدم من نطفة في موضع حرير يعني الرّحم، مكن فيه الماء بأن هيّأ لاستقراره فيه إلى بلوغ أمره الذي جعل له. وإنّما سمي المنيّ سلالة؛ لأنه سلّ من أصلاب الرجل وترائب النّساء، ثم يكون قراره في أرحام الأمّهات.


(١) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الجهاد: باب من أتاه سهم غرب فقتله: الحديث (٢٨٠٩).
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٣٤.
(٣) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٨٧٨.والديلمي في الفردوس: النص (٦٧٥) عن علي رضي الله عنه. وذكره المتقي الهندي في كنز العمال: الرقم (١٥١٣٥) وتمامه كما في الرقم (١٥١٣٧)،وعزاه إلى الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن عبد الله بن نوفل.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٢٦٣).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٩٢٦٢) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>