للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو خشب إلاّ والله خالقها، {وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً؛} أي لا يملكون الأصنام لأنفسها دفع ضرّ ولا جرّ نفع؛ لأنّها جماد لا قدرة لها، {وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً} (٣)؛أي لا يملك أن يموت أحد ولا يحيي أحد، ولا تملك بعثا للأموات، فكيف يعبد هؤلاء من لا يقدر على أن يفعل شيئا من هذا؟ ويتركون عبادة ربهم الذي يملك ذلك كلّه. يقال: أنشر الله الأموات فنشروا؛ أي أحياهم فحيوا.

قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلاّ إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ؛} أي قال الذين كفروا: ما هذا القرآن إلاّ كذب اختلقه محمّد من تلقاء نفسه وأعانه عليه قوم آخرون من أهل الكتاب، يعنون (جبرا) مولى لقريش، ويسار أبا فكيهة مولى لبني الحضرميّ، وعدّاسا مولى لحويطب بن عبد العزّى (١)،كان هؤلاء يقرءون التوراة قبل أن يسلموا، فلما أسلموا رأوا التوراة تشبه القرآن، وكان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يمرّ بهم ويتعاهدهم، فمن ذلك قال الكفار: وأعانه عليه قوم آخرون (٢).

قوله تعالى: {فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً} (٤)؛أي قال الكفار هذه المقالة شركا وكذبا، زعموا أن القرآن ليس من الله، والمعنى: فقد جاءوا بظلم وزورا فيما قالوا، فلمّا سقطت الباء أفضى إليه الفعل فنصبه (٣).والزّور: وضع الباطل في موضع الحقّ.

قوله تعالى: {وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ؛} أي قال النّضر بن الحارث وأصحابه: هذا القرآن أحاديث الأوّلين في دهرهم كما كنت أحدّثكم عن الأعاجم، {اِكْتَتَبَها؛} محمّد أي أنسخها من عداس وجبر ويسار، {فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ،} فهي تقرأ عليه، {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (٥)؛أي أمر أن يكتب له فهي تقرأ عليه غدوة وعشيّة ليحفظها.


(١) ذكره مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٣٠.
(٢) ينظر اختلاف قولهم كما ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ١٠ ص ١٧٧ - ١٧٨.
(٣) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج: ج ٤ ص ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>