دون [فئة] وزيادة الياء في [بأييديكم] و [بأييكم] وزيادة الألف في [سعوا] بالحجّ ونقصانها من [سعو] بسبإ، وزيادتها في [عتوا] حيث كان ونقصانها من [عتو] في الفرقان وزيادتها في [أمنوا] وإسقاطها من [باءو][جاءوا][فاءو] بالبقرة، وزيادتها في [يعفوا الذي] ونقصانها من [يعفو عنهم] في النساء. ولا يقال كذلك ما هو وجه حذف بعض أحرف من كلمات متشابهة دون بعض. كحذف الألف من [قرءنا] بيوسف والزخرف وإثباتها في سائر المواضع. وإثبات الألف بعد واو [سماوات] في فصّلت وحذفها من غيرها. وإثبات الألف في الميعاد مطلقا وحذفها من الموضع الذي في الأنفال. وإثبات الألف في [سراجا] حيثما وقع وحذفها من موضع الفرقان. فهذا الاختلاف في كتابة الكلمة الواحدة بين سورة وسورة من حيث الرسم مع عدم اختلاف المعنى واللفظ دليل على أنه فعل مردّه إلى السّماع لا إلى الاجتهاد والفهم، وكلّ ما كان مرده إلى السّماع فهو توقيفيّ.
وأيضا فإنه قد نقل الاختلاف في ترتيب السّور ولكنه لم ينقل خلاف في رسم المصحف على هذه الكتبة التي كتبت بين يدي الرسول، كما لم ينقل خلاف في ترتيب الآيات، مما يدلّ على أن الرسم توقيفيّ. فإقرار الرسول على هذه الكتبة، وإجماع الصحابة عليها، وواقع الاختلاف في رسم الكلمة الواحدة بين سورة وسورة مع اتحاد اللفظ والمعنى، كلّ ذلك دليل واضح على أن هذا الرسم الذي عليه المصحف هو رسم توقيفي يجب أن يلتزم وحده، ويحرم أن يكتب المصحف على رسم غير هذا الرسم، فلا يجوز العدول عنه مطلقا.
ولا يقال إن الرسول كان أمّيا فلا يعتبر تقريره لها، فإنّ له كتّابا يعرفون الخطوط فكانوا يصفونها له، وذهب بعضهم إلى أنه كان يعرف أشكال الحروف كما ورد في بعض الأحاديث. وفي هذا القول نظر، بل هو غير مستساغ.
على أن كتابة كتّابه للكتب التي كان يرسلها للملوك والرؤساء كانت على رسم الكتابة العاديّة، وعلى غير الرسم الذي كانوا يكتبون به الصّحف التي يكتبون فيها القرآن حين نزوله، مع أنّ المملي واحد والكتّاب هم هم. على أن التزام الرسم العثماني للقرآن، إنما هو خاصّ بكتابة المصحف كله، أما كتابة القرآن استشهادا، أو