للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من بعدك. فقال سليمان: سلوني وما توفيقي إلاّ بالله، قالوا: ما الشّيء الّذي إذا صلح صلح كلّ شيء منه؟ وإذا فسد فسد كلّ شيء منه؟ قال: هو القلب؛ إذا صلح صلح كلّ شيء منه، وإذا فسد فسد كلّ شيء منه. قالوا: صدقت! أنت الخليفة من بعده. ودفع إليه داود قضيب الملك، ومات من الغد).

وعن محمّد بن جعفر عن أبيه قال: (أعطي سليمان ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سبعمائة سنة وستّة أشهر، ملك أهل الدّنيا كلّهم من الجنّ والإنس والشّياطين والدّواب والطّير والسّباع، وأعطي علم كل شيء، ومنطق كلّ شيء) (١).

وقوله تعالى: {وَقالَ يا أَيُّهَا النّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ؛} صوت منه.

قال الفرّاء: ({مَنْطِقَ الطَّيْرِ}:معنى كلام الطّير، جعله كمنطق الرّجل إذا فهم) (٢).قال مقاتل: (كان سليمان جالسا إذ مرّ به طائر، فقال لجلسائه: هل تدرون ما قال هذا الطّائر؟ قالوا: لا! قال: إنّه قال لي: السّلام عليك أيّها الملك المسلّط على بني إسرائيل.

ومرّ سليمان ذات يوم على بلبل فوق شجرة يحرّك رأسه ويميل ذنبه ويصيح، فقال لأصحابه: هل تدرون ما يقول هذا البلبل؟ قالوا: الله أعلم! قال: إنّه يقول: أكلت نصف ثمرة فعلى الدّنيا العفاء) (٣).

وعن الكلبيّ قال: (صاح ورشان عند سليمان، فقال: أتدرون ما يقول؟ قالوا:

لا! قال: إنّه يقول: لدوا للموت وابنوا للخراب. وصاحت فاختة عند سليمان؛ فقال:

إنّها تقول: ليت ذا الخلق لم يخلقوا، وليتهم إذا خلقوا علموا لماذا خلقوا. وصاح هدهد فقال: إنّه يقول: كما تدين تدان، وصاح طاوس عنده؛ فقال: إنّه يقول: من لا يرحم لا يرحم. وصاح صرد عنده؛ فقال: إنّه يقول: استغفروا الله يا مذنبين. وصاح


(١) رواه الحاكم في المستدرك: كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء: الحديث (٤١٩٥).وتعقب الذهبي هذا الخب فقال: (هذا باطل).
(٢) معاني القرآن: ج ٢ ص ٢٨٨.وفي أصل المخطوط: (منطق الطير كلامه) وضبط النص كما في معاني القرآن للفراء.
(٣) ذكره القرطبي أيضا عن مقاتل؛ ينظر: الجامع لأحكام القرآن: ج ١٣ ص ١٦٥.والبغوي في معالم التنزيل: ص ٩٥٤ عن فرقد السّبخي.

<<  <  ج: ص:  >  >>