للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الزجّاج: ({يَأْتَمِرُونَ} أي يأمر بعضهم بعضا بقتلك) (١).فاخرج إنّي لك من النّاصحين في أمري لك بالخروج،

{فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً؛} أي خرج موسى من المدينة، {يَتَرَقَّبُ؛} أي ينظر متى يلحق فيؤخذ، {قالَ؛} عند ذلك: {رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ} (٢١)؛أي من فرعون وقومه أين يذهب.

قوله تعالى: {وَلَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ؛} أي لمّا سار نحو مدين، وكان قد خرج بغير زاد ولا حذاء ولا ركوبة، بل خرج هائما على وجهه هاربا من فرعون وقومه لا يدري أين يذهب، فخاف أن يخطئ الطريق. ومدين اسم ماء لقوم شعيب، وبينه وبين مصر ثمانية أيّام، سمي ذلك الماء باسم مدين بن إبراهيم عليه السّلام.

فلمّا لم يكن لموسى علم بالطريق خشي أن يذهب يمينا وشمالا ف‍ {قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ} (٢٢)؛أي يرشدني قصد الطريق إلى مدين، فلمّا دعا موسى بهذا جاءه ملك على فرس فانطلق به إلى مدين. قال المفسّرون: خرج موسى من مصر بلا زاد ولا درهم ولا ركوبة إلى مدين، وبينهما مسيرة ثمان ليال، ولم يكن له طعام إلاّ ورق الشّجر.

قوله تعالى: {وَلَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ؛} أي بلغ بئرهم التي كانوا يسقون منها، قال ابن عبّاس: (ورد ماءهم وأنّه ليرى خضرة الشّجرة في بطنه من الهزال) (٢).

وقوله: {وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ؛} أي وجد على ذلك الماء جماعة من الناس يسقون أغنامهم مواشيهم، {وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ؛} أي تحبسان غنمهما عن الماء حتى تفرغ الناس ويخلو لهما الماء، وهما بنتا شعيب.

والذود في اللغة: الطّرد والدفع والكفّ، ومعنى {(تَذُودانِ)} تدفعان وتكفّان الغنم من أن يخلط بأغنام الناس، وحتى يقرب الماء إلى أن يفرغ القوم.


(١) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ج ٤ ص ١٠٤.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (٢٠٧٢٨).وابن أبي حاتم في التفسير الكبير: الأثر (١٦٨٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>