للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {فَلَمّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ؛} أي فلمّا أتى موسى النار نودي من جانب الوادي الأيمن أراد يمين موسى، وقوله تعالى {(فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ)} أي المقدّسة، وقوله تعالى: {مِنَ الشَّجَرَةِ} أي من الشّجرة وهي شجرة العنّاب في قول ابن عبّاس، وقال مقاتل:

(هي عوسجة) (١)،وسمّيت البقعة مباركة؛ لأن الله كلّم موسى فيها وبعثه نبيّا. وقوله تعالى: {أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ} (٣٠)؛قد تقدّم تفسيره.

قوله تعالى: {وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ؛} أي نودي بأن ألق عصاك من يدك، وموضع {(أَنْ أَلْقِ)} نصب، {فَلَمّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ؛} أي فلما رآها بعد ما ألقاها تتحرّك (٢) في غاية الاضطراب كأنّها جانّ في الخفّة مع عظمها، {وَلّى مُدْبِراً؛} أي هاربا، {وَلَمْ يُعَقِّبْ؛} أي ولم يلتفت إلى ما رآه، فقال الله له:

{يا مُوسى أَقْبِلْ،} إليها، {وَلا تَخَفْ} منها؛ {إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ} (٣١) من أن ينالك منها مكروه، فأخذها موسى فإذا هي عصا كما كانت، ويقال سميت جانّ في هذه الآية؛ لأنّها صارت جانّا في البقعة المباركة، وثعبانا عند فرعون.

قوله تعالى: {اُسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ؛} أي أدخلها في جيبك، {تَخْرُجْ بَيْضاءَ؛} لها شعاع كشعاع الشّمس، {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ؛} أي من غير برص، {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ؛} أي ضع يدك على صدرك ليسكن ما بك من الفزع، فتصير آمنا مما كنت تخافه، وهذا لأنّ من شأن الخائف أن يرتعد ويقلق (٣) فيكون ضمّ يده إلى نفسه في معنى السّكون.

قال مجاهد: (كلّ من فزع فضمّ جناحيه إليه ذهب عنه الفزع، وقرأ هذه الآية) (٤).وجناح الإنسان: عضده، ويقال: اليد كلّها جناح. وقال بعضهم: معنى قوله


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٤٩٦. (والعوسجة) باليمن. ومعدن للفضة، وشوك. القاموس المحيط: (عوس):والعوسج إذا عظم يقال: الغرقد.
(٢) في المخطوط: (سحرت) والمناسب: تتحرك.
(٣) في المخطوط: (وتعلق) والمناسب كما أثبتناه.
(٤) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٩٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>