للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آبائه، فأتاه جبريل فقال له: أتشتاق إلى بلدك ومولدك؟ قال: [نعم] قال جبريل:

فإنّ الله تعالى يقول {(إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ)} يعني إلى مكّة ظاهرا عليها، فنزلت هذه الآية بالجحفة، فليست بمكّيّة ولا مدنيّة) (١).

قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (٨٥) هذا جواب كفار مكّة لمّا قالوا للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: إنّك في ضلال مبين! فقال الله تعالى: {(رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى)} يعني النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم {(وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)} يعني المشركين.

والمعنى: إنّ الله قد علم أنّي جئت بالهدى وإنّكم لفي ضلال مبين.

قوله تعالى: {وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلاّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} معناه: ما كنت يا محمّد ترجو أن يوحى إليك القرآن وأنك تكون نبيّا تتلو على أهل مكّة قصص الأوّلين، إلاّ أنّ ربّك رحمك وأراد بك الخير، فأوحى إليك الكتاب وأكرمك بالنبوّة نعمة منه عليك، {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً؛} أي عونا {لِلْكافِرِينَ} (٨٦)؛على دينهم، وذلك حين دعوه إلى دين آبائه فذكّره الله النعمة، ونهاه عن مظاهرتهم على ما كانوا عليه وأمره بالتحذّر منهم.

قوله تعالى: {وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ؛} أي لا يصرفنّك عن العمل بآيات الله بعد إذ أنزلت إليك، {وَادْعُ إِلى رَبِّكَ؛} أي إلى طاعته، {وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (٨٧)؛قال ابن عبّاس: (الخطاب للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم والمراد به أهل دينه) (٢) أي لا تظاهروا الكفّار ولا توافقوهم.

قوله تعالى: {وَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ؛} أي لا تعبد أحدا سوى الله ولا تدع الخلق إلى أحد دون الله، وقوله تعالى: {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ؛} لا معبود سواه، قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ؛} أي إلاّ هو. وانتصب قوله {(وَجْهَهُ)} على الاستثناء كأنه قال: إلاّ إيّاه، وقال عطاء: (معناه: كلّ شيء هالك إلاّ ما أريد به وجهه، وكلّ عمل لغيره فهو هالك إلاّ ما كان له).


(١) قاله مقاتل في التفسير: ج ٢ ص ٥٠٨.
(٢) ذكره البغوي في معالم التنزيل: ص ٩٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>